وقالت : يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله ، والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله [1] " . وفي رواية أخرى : " وخرجت فاطمة تبكي وتصيح فنهنهت من الناس [2] " . وقال اليعقوبي : " فخرجت فاطمة ، فقالت : والله لتخرجن أو لأكشفن شعري ولأعجن إلى الله فخرجوا وخرج من كان في الدار " [3] . وقال المسعودي : " لما بويع أبو بكر في السقيفة وجددت له البيعة يوم الثلاثاء خرج علي فقال : أفسدت علينا أمورنا ولم تستشر ولم ترع لنا حقا ! " فقال أبو بكر : " بلى ولكني خشيت الفتنة " [4] . وقال اليعقوبي : " واجتمع جماعة إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلي البيعة فقال لهم : اغدوا علي محلقين الرؤوس ، فلم يغد عليه إلا ثلاثة نفر " [5] . ثم إن عليا حمل فاطمة على حمار وسار بها ليلا إلى بيوت الأنصار يسألهم النصرة وتسألهم فاطمة الانتصار له فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به ، فقال علي : أفكنت أترك رسول الله صلى الله عليه وآله ميتا في بيته لم أجهزه وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه ؟ فقالت فاطمة : " ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له ولقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه ! ! " [6] . ولقد أشار معاوية إلى هذا وإلى ما نقلناه عن اليعقوبي قبله في كتابه إلى علي : وأعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلا على حمار ويداك في يدي ابنيك الحسن والحسين يوم بديع أبو بكر الصديق ، فلم تدع أحدا من أهل بدر والسوابق إلا دعوتهم إلى نفسك ، ومشيت إليهم بامرأتك ، وأدللت إليهم بابنيك ، واستنصرتهم على صاحب رسول الله ، فلم يجبك منهم إلا أربعة أو خمسة ، ولعمري لو كنت محقا لأجابوك ولكنك ادعيت باطلا ، وقلت ما لا يعرف ورمت ما لا يدرك ، ومهما نسيت
[1] برواية ابن أبي الحديد ج 1 / 134 و 6 / 286 . [2] السقيفة لأبي بكر الجوهري برواية ابن أبي الحديد ج 1 / 134 . [3] تاريخ اليعقوبي 2 / 105 . [4] مروج الذهب ج 1 / 414 ، والإمامة والسياسة ج 1 / 12 - 14 مع اختلاف . [5] تاريخ اليعقوبي ج 2 / 105 ، وفي شرح النهج ج 2 / 4 . [6] أبو بكر الجوهري في كتابه السقيفة برواية ابن أبي الحديد ج 6 ص 28 ، وابن قتيبة ج 1 / 12 .