فلا أنسى قولك لأبي سفيان لما حركك وهيجك لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم [1] . وروى معمر عن الزهري عن أم المؤمنين عائشة في حديثها عما جرى بين فاطمة وأبي بكر حول ميراث النبي صلى الله عليه وآله قالت : " فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها ، ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها . وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن علي . ومكثت فاطمة ستة أشهر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم توفيت " . قال معمر : فقال رجل للزهري : فلم يبايعه علي ستة أشهر ؟ قال : لا [2] ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي . فلما رأى علي انصراف وجوه الناس عنه ضرع إلى مصالحة أبي بكر . . . الحديث [3] . وقال البلاذري : لما ارتدت العرب ، مشى عثمان إلى علي . فقال : يا ابن عم ، انه لا يخرج أحد إلى قتال هذا العدو ، وأنت لم تبايع فلم يزل به حتى مشى إلى أبي بكر ، فبايعه فسر المسلمون ، وجد الناس في القتال وقطعت البعوث [4] . ضرع علي إلى مصالحة أبي بكر بعد وفاة فاطمة وانصراف وجوه الناس عنه ، غير أنه بقي يشكو مما جرى عليه بعد وفاة النبي حتى في أيام خلافته . وذكر شكواه في خطبته المشهورة بالشقشقية التي سنوردها في آخر هذا الباب .
[1] ابن أبي الحديد ج 2 ص 67 وصفين لنصر بن مزاحم ص 182 . [2] في تيسير الوصول 2 ص 46 " قال لا والله ولا أحدا من بني هاشم " . [3] قد أوردت هذا الحديث مختصرا من كل من الطبري ج 2 / 448 ( وط . أوربا ج 1 / 1825 ) وصحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة خيبر ج 3 / 38 ، وصحيح مسلم ج 1 / 72 و ج 5 / 153 . باب قول رسول الله " نحن لا نورث : ما تركناه صدقة " ، وابن كثير ج 5 / 285 - 286 وابن عبد ربه 3 / 64 ، وقد أورده ابن الأثير 2 / 126 مختصرا ، والكنجي في كفاية الطالب 225 - 226 . وابن أبي الحديد ج 1 / 122 ، والمسعودي ج 2 / 414 من مروج الذهب ، وفي التنبيه والاشراف له ص 250 " ولم يبايع علي حتى توفيت فاطمة " والصواعق ج 1 / 12 ، وتاريخ الخميس 1 / 193 ، وفي الإمامة والسياسة ( 1 / 14 ) أن بيعة علي كانت بعد وفاة فاطمة وأنها قد بقيت بعد أبيها 75 يوما ، وفي الاستيعاب أن عليا لم يبايعه إلا بعد موت فاطمة ج 2 ص 244 ، وأبو الفداء ج 1 / 156 ، والبدء والتاريخ ج 5 / 66 وأنساب الأشراف ج 1 / 586 ، وفي أسد الغابة ج 3 / 222 بترجمة أبي بكر " كانت بيعتهم بعد ستة أشهر على الأصح " وقال اليعقوبي ج 2 / 105 " لم يبايع علي إلا بعد ستة أشهر " وفي الغدير ج 3 / 102 عن الفصل لابن حزم ص 96 - 97 . [4] أنساب الأشراف ، ج 1 / 587 .