وعذيقها المرجب [1] أما والله لو شئتم لنعيدنها جذعة [2] . قال عمر : إذا يقتلك الله . قال : بل إياك يقتل . فقال أبو عبيدة : " يا معشر الأنصار إنكم كنتم أول من نصر وآزر ، فلا تكونوا أول من بدل وغير " . فقام بشير بن سعد الخزرجي أبو نعمان بن بشير ، فقال : " يا معشر الأنصار إنا والله لئن كنا أولي فضيلة في جهاد المشركين ، وسابقة في هذا الدين ما أردنا به إلا رضا ربنا ، وطاعة نبينا ، والكدح لأنفسنا ، فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك ، ولا نبتغي به من الدنيا عرضا ، فإن الله ولي النعمة علينا بذلك ، الا ان محمدا صلى الله عليه وسلم من قريش ، وقومه أحق به ، وأولى ، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الامر أبدا ، فاتقوا الله ، ولا تخالفوهم ، ولا تنازعوهم . " فقال أبو بكر : هذا عمرو هذا أبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا ، فقالا : " والله لا نتولى هذا الامر عليك " [3] - الخ . " وقام عبد الرحمن بن عوف ، وتكلم فقال : " يا معشر الأنصار إنكم وإن كنتم على فضل ، فليس فيكم مثل أبي بكر وعمر وعلي " . وقام المنذر بن الأرقم فقال : ما ندفع فضل من ذكرت ، وإن فيهم لرجلا لو طلب هذا الامر لم ينازعه فيه أحد - يعني علي بن أبي طالب " [4] . " فقالت الأنصار أو بعض الأنصار : لا نبايع إلا عليا " [5] . " قال عمر : فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الاختلاف فقلت ابسط [6] يدك لأبايعك " [7] فلما ذهبا ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه فناداه
[1] وعذيق تصغير العذق وهي النخلة ، والمرجب ما جعل له رجبة وهي دعامة تبتنى من الحجارة حول النخلة الكريمة إذا طالت وتخوفوا عليها أن تنعقر في الرياح العواصف . [2] أعدت الامر جذعا أي جديدا كما بدأ ، وإذا طفئت حرب بين قوم فقال بعضهم إن شئتم أعدناها جذعة أي : أول ما يبتدأ فيها . [3] لم نسجل هنا بقية الحوار وتعليقنا عليه طلبا للاختصار . [4] رواه اليعقوبي بعد ذكر ما تقدم في ص 103 ج 2 من تاريخه والموفقيات للزبير بن بكار ، ص 579 . [5] في رواية الطبري ج 3 ص 208 ( وط - أوربا ج 1 / 1818 ) عن إبراهيم ، وابن الأثير 2 / 123 " أن الأنصار قالت ذلك بعد أن بايع عمر أبا بكر " . [6] قد قال عمر لأبي بكر أبسط يدك لأبايعك . [7] عن سيرة ابن هشام 4 / 336 وجميع من روى حديث الفلتة ، راجع بعده حديث الفلتة في ذكر رأي عمر في بيعة أبي بكر .