الحباب بن المنذر : يا بشير بن سعد عققت عقاق ! أنفست على ابن عمك الامارة ، فقال : لا والله ولكني كرهت أن أنازع قوما حقا جعله الله لهم . ولما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد وما تدعو إليه قريش وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة ، قال بعضهم لبعض ، وفيهم أسيد ابن حضير وكان أحد النقباء : والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ولا جعلوا لكم معهم فيها نصيبا أبدا فقوموا فبايعوا أبا بكر . [1] فقاموا إليه فبايعوه فانكسر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا أجمعوا له من أمرهم . . . فأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطؤون سعد بن عبادة . فقال أناس من أصحاب سعد : اتقوا سعدا لا تطؤوه . فقال عمر : اقتلوه قتله الله . ثم قام على رأسه فقال : لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك . فأخذ قيس بن سعد بلحية عمر فقال : والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة . فقال أبو بكر : مهلا يا عمر الرفق ها هنا أبلغ . فأعرض عنه عمر [2] . وقال سعد : أما والله لو أن بي قوة ما أقوى على النهوض لسمعت مني في أقطارها وسككها زئيرا يجحرك وأصحابك : أما والله إذا لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع ، احملوني من هذا المكان . فحملوه فأدخلوه داره [3] . وروى أبو بكر الجوهري : " أن عمر كان يومئذ - يعنى يوم بويع أبو بكر - محتجزا يهرول بين يدي أبي بكر ويقول : ألا إن الناس قد بايعوا أبا بكر [4] " الخ .
[1] وفي رواية أبي بكر في سقيفته : لما رأت الأوس أن رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع قام أسيد بن حضير وهو رئيس الأوس فبايع حسدا لسعد ومنافسة له أن يلي الامر . راجع شرح النهج ج 2 / 2 في شرحه " ومن كلام له في معنى الأنصار " . [2] إن هذا الموقف يوضح بجلاء جماع سياسة الخليفتين من شدة ولين . [3] الطبري : ص 455 - 459 ، وط ، أوروبا 1 / 1843 " وتندر عضوك " كذا ورد ويعني تسقط أعضاؤك . [4] في كتابه السقيفة ، راجع ابن أبي الحديد : 1 / 133 . وفي 74 منه بلفظ آخر .