واليا ولأمورهم راعيا ، فتوليت ذلك . وما أخاف بعون الله وهنا ولا حيرة ولا جبنا ، وما توفيقي إلا بالله . غير أني لا أنفك من طاعن يبلغني فيقول بخلاف قول العامة ، فيتخذكم لجأ فتكونون حصنه المنيع وخطبه البديع ، فإما دخلتم مع الناس فيما اجتمعوا عليه أو صرفتموهم عما مالوا إليه . فقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك ولعقبك من بعدك ، إذ كنت عم رسول الله صلى الله عليه وآله ، وإن كان الناس أيضا قد رأوا مكانك ومكان صاحبك فعدلوا بهذا الأمر عنكما . فقال عمر [1] : أي والله ، وأخرى يا بني هاشم على رسلكم [2] ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله منا ومنكم ، وإنا لم نأتكم لحاجة منا إليكم ، ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون ، فيتفاقم الخطب بكم وبهم . فانظروا لأنفسكم وللعامة . ثم سكت . مواجهة العباس لمؤامرة أصحاب السقيفة فتكلم العباس فقال : إن الله تبارك وتعالى ابتعث محمدا صلى الله عليه وآله - كما وصفت - نبيا وللمؤمنين وليا ، فإن كنت برسول الله صلى الله عليه وآله طلبت هذا الأمر فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن من المؤمنين ، ما تقدمنا في أمرك ولا تشاورنا ولا تآمرنا ولا نحب لك ذلك ، إذ كنا من المؤمنين وكنا لك من الكارهين . وأما قولك ( أن تجعل لي في هذا الأمر نصيبا ) ، فإن كان هذا الأمر لك خاصة فأمسك عليك فلسنا محتاجين إليك وإن كان حق المؤمنين فليس لك أن تحكم في حقهم دونهم ، وإن كان حقنا فإنا لا نرضى منك ببعضه دون بعض . [3]
[1] . ( ب ) : فتكلم عمر فقال . وفي شرح النهج : ( فاعترض كلامه عمر وخرج إلى مذهبه في الخشونة والوعيد وإتيان الأمر من أصعب جهاته فقال . . . ) . [2] . ( ترسل ) أي تمهل ولم يعجل . و ( على رسلك ) أي على هينتك ، و ( الرسل ) : الرفق . وقوله ( يتفاقم الخطب ) أي يعظم الأمر ولا يجري على استواء . [3] . زاد في شرح النهج : ( وما أقول هذا أروم صرفك عما دخلت فيه ، ولكن للحجة نصيبها من البيان ) .