وحذيفة يقول : والله ليفعلن ما أخبرتكم به . فوالله ما كذبت ولا كذبت . وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين والأنصار . فقال حذيفة : انطلقوا بنا إلى أبي بن كعب فقد علم مثل ما علمت . فانطلقنا إلى أبي بن كعب فضربنا عليه بابه ، فأتى حتى صار خلف الباب ، ثم قال : من أنتم ؟ فكلمه المقداد . فقال : ما جاء بكم ؟ فقال : إفتح بابك ، فإن الأمر الذي جئنا فيه أعظم من أن يجري وراء الباب . فقال : ما أنا بفاتح بابي ، وقد علمت ما جئتم له . وما أنا بفاتح بابي ، كأنكم أردتم النظر في هذا العقد . فقلنا : نعم . فقال : أفيكم حذيفة ؟ فقلنا : نعم . قال : القول ما قال حذيفة ، فأما أنا فلا أفتح بابي حتى يجري على ما هو جار عليه ، ولما يكون بعدها شر منها ، وإلى الله جل ثنائه المشتكى . قال : فرجعوا . ثم دخل أبي بن كعب بيته . محاولة أصحاب السقيفة تطميع العباس في الخلافة قال : وبلغ أبا بكر وعمر الخبر ، فأرسلا إلى أبي عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة فسألاهما الرأي . فقال المغيرة بن شعبة : أرى أن تلقوا العباس بن عبد المطلب فتطمعوه في أن يكون له في هذا الأمر نصيب يكون له ولعقبه من بعده فتقطعوا عنكم بذلك ناحية علي بن أبي طالب ، فإن العباس بن عبد المطلب لو صار معكم كانت الحجة على الناس وهان عليكم أمر علي بن أبي طالب وحده . قال : فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة حتى دخلوا على العباس بن عبد المطلب في الليلة الثانية من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله . قال : فتكلم أبو بكر فحمد الله جل وعز وأثنى عليه ثم قال : إن الله بعث لكم محمدا نبيا وللمؤمنين وليا ، فمن الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم ، حتى اختار له ما عنده وترك للناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصلحتهم ، متفقين لا مختلفين . فاختاروني عليهم