حين مرضت أن أحرقها ، فتأثمت من ذلك وقطعت به . [1] فإن جعلت لي عهد الله عز وجل وميثاقه أن لا تخبر بها أحدا ما دمت حيا ، ولا تحدث بشئ منها بعد موتي إلا من تثق به كثقتك بنفسك ، وإن حدث بك حدث أن تدفعها إلى من تثق به من شيعة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ممن له دين وحسب . فضمنت ذلك له ، فدفعها إلي وقرأها كلها علي . فلم يلبث سليم أن هلك ، رحمه الله . إقرار الحسن البصري بمحتوى كتاب سليم فنظرت فيها بعده فقطعت بها [2] وأعظمتها واستصعبتها [3] ، لأن فيها هلاك جميع أمة محمد صلى الله عليه وآله من المهاجرين والأنصار والتابعين ، غير علي بن أبي طالب وأهل بيته صلوات الله عليهم وشيعته . فكان أول من لقيت بعد قدومي البصرة الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو يومئذ متوار من الحجاج . والحسن يومئذ من شيعة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ومن مفرطيهم [4] ، نادم متلهف على ما فاته من نصرة علي عليه السلام والقتال معه يوم الجمل . فخلوت به في شرقي دار أبي خليفة الحجاج بن أبي عتاب الديلمي [5] ، فعرضتها عليه ، فبكى ثم قال : ( ما في أحاديثه شئ إلا حق ، قد سمعته من الثقات من شيعة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وغيرهم " .
[1] . تأثم أي امتنع من الإثم ، وقطع به أي امتنع منه ولم يره صوابا . [2] . أي جزمت بما فيها . في ( د ) : ففظعت بها . [3] . أي وجدتها صعبا . [4] . إن الحسن البصري من المذبذبين المنافقين ، وإن أبان يشير إلى نفاقه بقوله : ( يومئذ ) ، أي كان في تلك الأيام يظهر الإفراط في التشيع . راجع عن أحوال الحسن البصري : بحار الأنوار : ج 2 ص 64 ، و ج 42 ص 141 . [5] . هو الذي توارى عنده الحسن البصري كما يصرح بذلك أبان في الحديث 58 . وقد يذكر بعنوان ( الحجاج بن عتاب العبدي البصري ) . وفي ( د ) : ( الدئلي ) مكان ( الديلمي ) .