( 43 ) خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في وصف المتقين وعن أبان بن أبي عياش عن سليم ، قال : قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يقال له ( همام ) ( 1 ) - وكان عابدا مجتهدا - فقال : يا أمير المؤمنين ، صف لي المؤمنين كأني أنظر إليهم . فتثاقل أمير المؤمنين عليه السلام عن جوابه ، ثم قال : يا همام ، اتق الله وأحسن ، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون . فقال له همام : أسألك بالذي أكرمك وخصك وحباك وفضلك بما آتاك لما وصفتهم لي . فقام أمير المؤمنين عليه السلام على رجليه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم ، ثم قال : أما بعد ، فإن الله خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم ، لأنه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه منهم . فقسم بينهم معايشهم ووضعهم من الدنيا مواضعهم . وإنما أهبط آدم إليها عقوبة لما صنع حيث نهاه الله فخالفه وأمره فعصاه . المؤمن في الدنيا فالمؤمنون فيها هم أهل الفضائل ، منطقهم الصواب وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع . خضعوا لله بالطاعة فمضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم ، واقفين
( 1 ) . هو همام بن شريح بن زيد بن مرة بن عمرو . راجع البحار : ج 67 ص 317 ، ج 68 ص 192 و 196 .