أسماعهم على العلم . نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت في الرخاء ، رضى عن الله بالقضاء . لولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب . عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم . المؤمن والجنة والنار فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون ، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون . قلوبهم محزونة ، وحدودهم مأمونة ، وأجسادهم نحيفة ، وحوائجهم خفيفة وأنفسهم عفيفة ، ومعونتهم في الإسلام عظيمة . صبروا أياما قصارا أعقبتهم راحة طويلة . تجارة مربحة يسرها لهم رب كريم . أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها . المؤمن في يومه ليلته أما الليل فصافون أقدامهم ، تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا يحزنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم ، وتهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع كلوم [1] جوانحهم . فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت إليها أنفسهم شوقا فظنوا أنها نصب أعينهم ، حافين على أوساطهم ، يمجدون جبارا عظيما ، مفترشين جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم من النار . وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم ، واقشعرت منها جلودهم ووجلت منها قلوبهم وظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم .