أبي بكر وعمر ، فقال : بل على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيي ، فعدل عنه إلى عثمان فعرض ذلك عليه ، فقال : نعم ، فأعاد إلى علي عليه السلام فأعاد قوله ، ففعل ذلك عبد الرحمن ثلاثا . فلما رأى أن عليا عليه السلام غير راجع عما قاله ، وأن عثمان ينعم له بالإجابة ، صفق على يد عثمان وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فيقال : ان عليا عليه السلام قال له : والله ما فعلتها الا لأنك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه ، دق الله بينكما عطر منشم . قيل : ففسد بعد ذلك بين عثمان وعبد الرحمن ، فلم يكلم أحدهما صاحبه حتى مات عبد الرحمن [1] . انتهى . أقول : لا يخفى أن في هذه الحكاية عدة عجائب : أحدها : أنه قال : ان النبي صلى الله عليه وآله مات وهو راض عن الستة ، ثم قال : ان النبي مات وهو ساخط على طلحة . وثانيها : أنه عاب عليا عليه السلام بالدعابة ، وهي من خصال الأنبياء عليهم السلام . وثالثها : أنه أفتى بقتل من خالف منهم ظلما وجورا من غير دليل وبرهان ، ومن جملتهم أمير المؤمنين عليه السلام الذي حبه ايمان وبغضه كفر ونفاق ، وقال النبي صلى الله عليه وآله مخبرا عنه : علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض [2] . ورابعها : أنه رجح الثلاثة التي فيها عبد الرحمن مع علمه بأن عبد الرحمن لا يفارق عثمان للمصاهرة بينهما ، فهذا الترجيح في الحقيقة حكم بخلافة عثمان الفاسق ، وبقتل أمير المؤمنين وسيد المتقين . وخامسها : أن بني هاشم كانوا يبغضون بني تيم لأجل الخلافة ، وهو دليل على عدم الاجماع على خلافة أبي بكر ، لأن عدم رضا بني هاشم بخلافة أبي بكر ينافي
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 185 - 188 . [2] راجع : إحقاق الحق 5 : 623 - 638 .