قد اتفقت عليه ، فان أصرت الثلاثة الأخرى على خلافها فاضرب أعناقهم ، وان مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على أمر فاضرب أعناق الستة ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم . فلما دفن عمر جمعهم أبو طلحة ، ووقف على باب البيت بالسيف في خمسين رجلا من الأنصار حاملي سيوفهم ، ثم تكلم القوم وتنازعوا ، فأول ما عمل طلحة أنه أشهدهم على نفسه أنه قد وهب حقه من الشورى لعثمان ، وذلك لعلمه أن الناس لا يعدلون به عليا وعثمان ، وأن الخلافة لا تخلص له وهذان موجودان ، فأراد تقوية أمر عثمان واضعاف جانب علي عليه السلام بهبة أمر لا انتفاع له به ولا تمكن له منه . فقال الزبير في معارضته : وأنا أشهدكم على نفسي أني قد وهبت حقي من الشورى لعلي ، وإنما فعل ذلك لأنه لما رأى عليا قد ضعف وانخزل بهبة طلحة حقه لعثمان دخلته حمية النسب ، لأنه ابن عمة أمير المؤمنين عليه السلام ، وهي صفية بنت عبد المطلب ، وأبو طالب خاله ، وإنما مال طلحة إلى عثمان لانحرافه عن علي عليه السلام ، باعتبار أنه تيمي وابن عم أبي بكر ، وقد كان حصل في نفوس بني هاشم من بني تيم حنق شديد لأجل الخلافة ، وكذلك صار في صدور بني تيم على بني هاشم ، وهذا أمر مركوز في طبيعة البشر ، وخصوصا طينة العرب وطباعها ، والتجربة إلى الان تحقق ذلك ، فبقي من الستة أربعة . فقال سعد بن أبي وقاص : وأنا قد وهبت حقي من الشورى لابن عمي عبد الرحمن ، وذلك لأنهما من بني زهرة ، ولعلم سعد أن الأمر لا يتم له . فلما لم يبق الا الثلاثة ، قال عبد الرحمن لعلي وعثمان ، أيكما يخرج نفسه من الخلافة ، ويكون إليه الاختيار في الاثنين الباقيين ؟ فلم يتكلم منهما أحد ، فقال عبد الرحمن : أشهدكم انني قد أخرجت نفسي من الخلافة على أن أختار أحدكما ، فأمسكا ، فبدأ بعلي عليه السلام فقال : أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين