والعجب كل العجب ما نقله ابن حجر العسقلاني في شرح صحيح البخاري عن النووي : اتفق العلماء على أن قول عمر ( حسبنا كتاب الله ) من قوة فهمه ودقيق نظره ، لأنه خشي أن يكتب أمورا ربما عجزوا فاستحقوا العقوبة لكونها منصوصة ، وأراد أن لا ينسد باب الاجتهاد على العلماء . انتهى قوله [1] . انظر أيها البصير إلى هذا البليد كيف أعماه التقليد حتى جوز الاجتهاد بحضرة النبي صلى الله عليه وآله ، وهو مخالف للكتاب والسنة والاجماع ، وكيف اعتقد أن رأي عمر أصوب من رأي النبي الناطق عن وحي الله ، وما شعر بأن مخالفة النبي صلى الله عليه وآله بعد وفاته إن كان سببا للعقوبة ، ففي حال حياته بطريق الأولى ، فكأنه قال : ان عمر خالف النبي صلى الله عليه وآله في حال حياته ، ورضي بأن يكون معاقبا لئلا يستحق غيره العقوبة . أيها الخبير العاقل انظر إلى عقل هذا الجاهل ، كيف اعتقد أن عمر المعترف بأن المخدرات أفقه منه والصبيان أعقل منه ، أفقه من سيد المرسلين وأكمل الكاملين ، نعوذ برب العالمين من نزغات الشياطين . قالوا : ليس في قوله ( يهجر ) منقصة ، لأن المراد بالهجر الخارج عن حد الصحة من حيث الكثرة والقلة ، لانغمار قلبه بجهد المرض ، وقد سها في صحته فسلم في العصر على ركعتين ، كما في خبر ذي اليدين . قلنا : أما ما ذكرتم في تعريف الهجر ، فخارج عن اللغة ، قال الجوهري : الهجر الهذيان ، وروى أبو عبيدة في قوله ( ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) [2] أنهم قالوا فيه غير الحق ، ألم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحق [3] وقال عكرمة
[1] راجع : شرح صحيح البخاري للكرماني 2 : 127 - 128 . [2] الفرقان : 30 . [3] صحاح اللغة 2 : 851 .