وهذا الوجه أيضا ركيك ، وما ذكرناه في بيان بطلان الوجه الأول يبطله . ويزيده بيانا : أن معاني المولى عشرة : الأولى ، والسيد المطاع ، ومالك الرق ، والمعتق ، وابن العم ، والناصر ، وضامن الجريرة ، والجار ، والحليف . وهذه المعاني التسعة ترجع عند الاعتبار إلى المعنى الأول وهو الأولى ، وهذا هو العماد في معنى المولى ، وقد نص أهل العربية بأن المولى يفيد الأولى ، ومنهم أبو عبيدة معمر [1] بن المثنى ، وهو مقدم في علم العربية غير مطعون عليه في معرفتها ، قد ذكر في كتابه المتضمن تفسير غريب القرآن المعروف بالمجاز ، في تفسير قوله تعالى في سورة الحديد مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير [2] يريد جل ثناؤه هي أولى بكم ، وأنشد بيت لبيد شاهدا له : فغدت كلا الفرخين تحسب أنه * مولى المخافة خلفها وأمامها يريد أن الظبية تحيرت ، فلم تدر أن خلفها أولى بالمخافة أم أمامها ، واستشهد أيضا بقول الأخطل في عبد الملك بن مروان : فأصبحت مولاها من الناس كلهم * وأحرى قريش أن تهاب وتحمدا يريد بقوله هذا أن ابن مروان أولى بسياسة الأمة وتدبيرها ، وهو أيضا خليفة مطاع الأمر ، وليس أبو عبيدة من المائلين إلى أمير المؤمنين ، بل هو معدود من المعاندين [3] . ووافقه أيضا في ذلك ابن قتيبة في تفسيره [4] ، وهو أيضا من المخالفين . وقال الفراء في كتاب معاني القرآن ، في تفسير هذه الآية : ان الولي والمولى في لغة
[1] في ( ن ) : أبو عبيد منعم . [2] الحديد : 15 . [3] العمدة لابن بطريق ص 112 - 113 عن تفسير غريب القرآن ، والغدير 1 : 345 . [4] العمدة ص 113 ، والغدير 1 : 345 نقلا عن كتاب القرطين 2 : 164 .