العبرة باستناد الفقهاء إلى الحديث ، لا بموافقة فتواهم لمضمونه
لمحة عما كتبه ابن الجنيد وابن أبي عقيل في الفقه
أما الأولى فقد سبق نقاش الشهيد الثاني فيها ، لأن العبرة بعمل القدماء بمضمون الخبر ، ولم يحرز ، لأنهم بين مانع من العمل بخبر الواحد مطلقاً كالسيد المرتضى ، فلا نحتمل استناد فتياه إليه ، خصوصاً مع ضعف سنده . ولذا ادعى السيد الاجماع في كثير من فتاواه . واحتمال كون الخبر متواتراً لديه لا يثبت استناد فتياه إليه . وبين جامع للأحاديث بدون فتوى ، وبلا تمييز بين ما يصح منها عن غيره ، ولو للبناء على صحة جميعها عنده ، كالكليني في كتابه ( الكافي ) . وبين جامع لفتاوى مجردة عن الدليل ، فلم يعلم مستنده غالباً فيها ، مثل الشيخ المفيد في كتابه ( المقنعة ) . ومحض موافقة الفتوى لمضمون الحديث لا تصلح لجبر ضعفه حتى عند القائلين بالجبر ، وإنما العبرة في ثبوت الاستناد إليه . ولذا قال المحقق الهمداني : « . . . الشهرة تصلح جابرة للضعف من جميع الجهات ولكن بشرط استناد المشهور إليه في فتاواهم ، وعملهم به ، لا مجرد موافقة قولهم لمضمونه ، فإنه خارجي غير مجدٍ في جبر ضعف الخبر ، كما تقرر في محله الخ » [1] . وقال المحقق النائيني : « والشهرة العملية عبارة عن اشتهار الرواية من حيث العمل ، بأن يكون العامل بها كثيراً . ويعلم ذلك من استناد المفتين إليها في الفتوى الخ » [2] . نعم إن القديمين من فقهائنا ، وهما ابن أبي عقيل الحسن بن علي العماني الحذّاء ، وابن الجنيد محمد بن أحمد الإسكافي الكاتب ، المعاصرين للشيخ الكليني ، قد كتبا في الفروع الفقهية ، واستدلا عليها . فكتب ابن أبي عقيل كتابه ( المتمسك بحبل آل الرسول ص ) ، وهو على ما ذكره الشيخ النجاشي « كتاب مشهور في الطائفة ، وقيل : ما ورد الحاج من خراسان