ما دامت الزكوات التي جمعها الساعي قد صارت من نصيب بطنه [1] وحد ها ، إن لم يكن من بقية الأموال التي خلفها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان أهل البيت يطالبون بها . وسواء أصح هذا التقدير أو لا ، فإن المعنى الذي نحاول فهمه من هذه الرواية هو أن بعض معاصري الصديق أحس 40 بما نحس به على ضوء معلوماتنا التاريخية عن تلك الأيام . ولا ننسى أن نلاحظ أن الظروف الاقتصادية العامة كانت تدعوا إلى الارتفاع بمالية الدولة والاهتمام بإكثارها استعدادا للطوارئ المترقبة ، فلعل هذا حدى بالحاكمين إلى انتزاع فدك ، كما يتبين ذ لك بوضوح من حديث لعمر مع أبي بكر يمنعه [2] فيه عن تسليم فدك إلى الزهراء ويعلل ذلك بأن الدولة في حاجة إلى المال لانفاقه في توطيد الحكم ، وتأديب العصاة ، والقضاء على الحركات الانفصالية التي قد يقوم بها المرتدون . ويظهر من هذا رأي للخليفتين في الملكية الفردية ، هو أن للخليفة الحق في مصادرة أموال الناس لانفاقها في أمور المملكة وشؤون الدولة العامة بلا تعويض ، ولا استئذان . فليس للفرد ملكية مستقرة لأمواله وعقاره في حال احتياج السلطات إلى شئ منها . وقد ذهب إلى هذا الرأي كثير من
[1] يقصد من نصيب الساعي وهو أبو سفيان كما في الرواية التي أوردها ابن أبي الحديد في شرح النهج : 1 : 130 طبعة القاهرة - مصطفى البابي الحلبي . [2] شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 16 : 274 ، ( وقد روي أن أبا بكر لما شهد أمير المؤمنين عليه السلام ( بفدك ) كتب بتسليمها إليها - إلى فاطمة - فاعترض عمر قضيته ، وخرق ما كتبه . . . ) ، السيرة الحلبية 3 : 391 .