الأنصار على نصرتهم ، وعدم قدرة المعارضين على إنشاء حزب من أصحاب المطامع والأهواء يومذاك . ولا يجوز أن نستبعد هذا التقدير لسياسة الفئة المسيطرة ما دام منطبقا على طبيعة السياسة التي لا بد من انتهاجها . وما دمنا نعلم أن الصديق اشترى صوت الحزب الأموي بالمال ، فتنازل لأبي سفيان عن جميع ما كان عنده من أموال المسلمين ، وبالجاه أيضا إذ ولى ابن أبي سفيان ، فقد جاء أن أبا بكر لما استخلف قال أبو سفيان : ما لنا ولأبي فصيل إنما هي بنو عبد مناف ، فقيل له أنه قد ولى ابنك قال : وصلته رحم [1] . فلا غرابة في أن ينتزع من أهل البيت أموالهم المهمة ليركز بذلك حكومته ، أو أن يخشى من علي عليه السلام أن يصرف حاصلات فدك وغير فدك على الدعوة إلى نفسه . وكيف نستغرب ذلك من رجل كالصديق وهو الذي قد اتخذ المال وسيلة من وسائل الاغراء ، واكتساب الأصوات حتى اتهمته بذلك معاصرة له من مؤمنات ذلك الزمان فقد ورد أن الناس لما اجتمعوا على أبي بكر قسم قسما بين نساء المهاجرين والأنصار ، فبعث إلى امرأة من بني عدي بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت فقالت : ما هذا ؟ قال : قسم قسمه أبو بكر للنساء ، قالت : أتراشوني عن ديني ؟ والله لا أقبل منه شيئا . فردته عليه [2] . وأنا لا أدري من أين جاء إلى الخليفة ( رضي الله تعالى عنه ) هذا المال
[1] راجع : تاريخ الطبري 2 : 237 طبعة المكتبة العلمية . ( الشهيد ) [2] شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 1 : 133 . ( الشهيد ) ، الطبقات الكبرى / ابن سعد 3 : 182 .