( الأول ) أن تركة الميت لا تورث ، ومعنى هذا إن ما كان يملكه إلى حين وفاته ، وتركه بعده لا ينتقل إلى آله بل يصبح صدقة حين موته . ( الثاني ) أن ما تصدق به الميت في حياته ، أو أقفه على جهات معينة لا يورث بل يبقى صدقة ووقفا ، والورثة إنما يورثون غير الصدقات من الأموال التي كان يملكها الميت إلى حين وفاته . ( الثالث ) أن الشخص ليس لديه أموال مملوكة له لتورث ، وكل ما سوف يتكره من أموال إنما هو من الصدقات والأوقاف . ومتى عرفنا الفارق بين هذه المعاني يظهر أن صيغة الحديث ليست واضحة كل الوضوح ولا غنية عن البحث والتمحيص ، بل في طاقتها التعبيرية إمكانيات التفسير بالمعاني الانفة الذكر جميعا ، فإن النصف الثاني من الحديث وهو - ما تركناه صدقة - يجوز أن يكون مستقلا في كيانه المعنوي ، مركبا من مبتدأ وخبر ، ويمكن أن يكون تكملة لجملة لا نورث . ففي الحالة الأولى يقبل الحديث التفسير بالمعنى الأول والثالث من المعاني السابقة لأن جملة - ما تركناه صدقة - قد يراد بها أن التركة لا تنقل من ملك الميت إلى آله وإنما تصبح صدقة بعد موته ، وقد يقصد بها بيان المعنى الثالث وهو أن جميع التركة صدقة ولم يكن يملك منها الميت شيئا ليورث كما إذا أشار الإنسان إلى أمواله وقال : إن هذه الأموال ليست ملكا لي وإنما هي صدقات أتولاها . والحديث على تقدير أن تكون له وحدة معنوية ، يدل على المعنى الثاني ، أي أن الصدقات التي تصدق بها الميت في حياته لا تورث دون سائر تركته ، ويكون الموصول مفعولا لا مبتدأ . ويتضح من الصيغة على هذا التقدير نفس ما يفهم منها إذا انعكس الترتيب فيها وجاءت