هكذا : - ما تركناه صدقة لا نورثه - فكما يؤتى بهذه الجملة لبيان أن الصدقات لا تور ث ، لا أن كل أقسام التركة صدقة ، كذلك يصح أن يقصد نفس ذلك المعنى من صيغة الحديث بترتيبها المأثور . فتكون دليلا على عدم انتقال الصدقات إلى الورثة على على عدم تشريع الإرث إطلاقا . وقد يكون من حق سيبويه علينا أن نشير إلى أن قواعد النحو ترفع كلمة صدقة على تقدير استقلال - ما تركناه صدقة - معنويا وتنصبها على التقدير الاخر . ومن الواضح أن الحركات الاعرابية لا تلحظ في التكلم عادة بالنسبة إلى الحرف الأخير من حروف الجملة للوقوف عليه المجوز لتسكينه . 11 - وإذن فقد وضعنا بين يدي الحديث عدة من المعاني في سبيل البحث عن مدلوله . وليس من الإسراف في القول أن نقرر أن تفسير الحديث بما يدل على أن أموال النبي صلى الله عليه وآله وسلم تكون صدقة بعد موته ، لا يرجح على المعنيين الآخرين ، بل قد نتبين لونا من الرجحان للمعنى الثاني - وهو أن المتروك صدقة لا يورث - دون سائر التركة إذا تأملنا ضمير الجمع في الحديث ، وهو النون ، وهضمنا دلالته كما يجب لأن استعماله في شخصه الكريم خاصة لا يصح إلا على سبيل المجاز ، ثم هو بعد ذلك بعيد كل البعد عن تواضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله وفعله . فالظواهر تجمع على أن النون قد استعملت في جماعة ، وإن الحكم الذي تقرره العبارة ثابت لها وليس مختصا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والأوفق بأصول التعبير أن تكون الجماعة جماعة المسلمين لا الأنبياء ، لأن 73 الحديث مجرد عن قرينة تعين هؤلاء ، ولم يسبق بعهد يدل عليهم . وليس لك أن تعترض بأن صيغة الحديث يجوز أنها كانت مقترنة حال صدورها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقرينة أو مسبوقة بعهد يدل على أن