أرميكم بما في كنانتي وأخضب سنان رمحي وأضرب بسيفي وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني ولو اجتمع معكم الأنس والجن ما بايعتكم ) [1] . وأكبر الظن أنه تهيب الأقدام على الثورة ولم يجرأ على أن يكون أول شاهر للسيف ضد الخلافة القائمة ، وإنما اكتفى بالتهديد الشديد الذي كان بمثابة إعلان الحرب ، وأخذ يترقب تضعضع الأوضاع ليشهر سيفه بين السيوف ، فكان حريا به أن تثور حماسته ويزول تهيبه ويضعف الحزب القائم في نظره إذا رأى صوتا قويا يجهر بالثورة فيعيدها جذعة ويحاول إجلاء المهاجرين من المدينة بالسيف [2] كما أعلن ذلك المتكلم عن لسانه في مجلس السقيفة . ولا ننسى بعد ذلك الأمويين وتكتلهم السياسي في سبيل الجاه والسلطان ، وما كان لهم من نفوذ في مكة في سنواتها الجاهلية الأخيرة ، فقد كان أبو سفيان زعيمها في مقاومة الإسلام والحكومة النبوية ، وكان عتاب ابن أسيد بن أبي العاص بن أمية أميرها المطاع في تلك الساعة . وإذا تأملنا ما جاء في تاريخ تلك الأيام [3] من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما توفي ووصل خبره إلى مكة وعامله عليها عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية استخفى عتاب وارتجت المدينة وكاد أهلها يرتدون ، فقد لا نقتنع بما يعلل به رجوعهم عن الارتداد من العقيدة والأيمان . كما أني لا أؤمن بأن
[1] راجع تاريخ الطبري 2 : 244 . 47 [2] تاريخ الطبري 2 : 243 ، قصة السقيفة ، قول الحباب بن المنذر : ( أما والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة . . . . ) . [3] الكامل في التاريخ / ابن الأثير 3 : 123 وصل خبر وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكان عتاب بن أسيد ابن أبي العاص بن أمية أميرا على مكة .