نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 86
فانظر رحمك الله إلى حسن هذا الحديث وما دل عليه من الفوائد وقد ذكر ان الصبر والقناعة والرضا والزهد والاخلاص واليقين أمور متشعبة ( منشعبة ) عن التوكل وكفى بهذا مدحا للتوكل ، ثم ذكر في حد التوكل بان المخلوق لا يضر ولا ينفع ولا يعطى ولا يمنع واستعمال اليأس من الناس فهذه خمس دعائم للتوكل أربعة علمية وواحدة عملية [1] ولاقوام للأربعة بدون الخامس بل هو ملاكها ، وعنده تظهر ثمرتها وتحمد جناها ومن هذا يعلم أنه لأقوام للعلم بدون العمل ، وانه لا يزكو ولا ينتفع به صاحبه ما لم يعمل به وهذا ظاهر ، فان من اشتكى وجع ضرسه وهو يعلم أن الحامض يضره ثم اكل حامضا فإنه يوجعه ضرسه قطعا ولم يكن علمه بذلك نافعا له حيث ترك العمل به . ثم انظر إلى النتيجة الحاصلة من الدعائم في قوله صلى الله عليه وآله : فإذا كان ا لعبد كذلك لم يعمل لاحد سوى الله ولم يزغ قلبه الخ وهو ثلاثة أمور : الأول الاخلاص لأنه إذا تحقق كون المخلوق لا يضر ولا ينفع لم يعمل له ولم يطلب المنزلة في قلبه ، فانحسم [2] عنه داعية الريا فلم يزغ قلبه وبقى مستقيما باخلاصه وايقاعه لعبادته على وجهها اللايق بها . الثاني العزة بتمام الغنى عن الناس في قطع الطمع منهم لان من تحقق ان لا معطى من الخلق لم يرجه واعتمد برجائه على ربه لأنه المعطى لاغيره . الثالث نيل الامن وعدم الخوف من ساير المخلوقات ، وعامة المؤذيات ولهذا كان المخلصون والعباد والسياح يمرون على السباع غير مكترثين [3] بها فان من تيقن ان المخلوق لا يضر لم يخف منه وكان اعتقاده في السبع كاعتقاده في البقيه . وحدث أبو حازم عبد الغفار بن الحسن قال : قدم إبراهيم بن أدهم الكوفة وانا معه
[1] العلمية منها هو العلم بان المخلوق لا يضر ، ولا ينفع ، ولا يعطى ، ولا يمنع ، والعملية عبارة عن استعمال اليأس من الناس . [2] حسمه حسما : قطعه ( المجمع ) . [3] لا يكترث لهذا الامر أي لا يعبأ به ولا يباليه ( المجمع ) .
نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 86