نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 217
ولده ) [1] ويشتغل فيه الصديقون بأنفسهم ويقول كل واحد نفسي نفسي فضلا من غيرهم ، فلا ينبغي ان يصحب معه غير الخالص من العمل ، فكما ان المسافر إلى البلد البعيد المشفق لا يصحب معه الا خالص الذهب طلبا للخفة وكثرة الانتفاع به عند الحاجة إليه ، ولا حاجة أعظم من فاقة القيامة ، ولا عمل أنفع من الخالص لله ، فهو أنفس الذخائر وأحفظها حملا بل هو يحمل صاحبه على ما ورد في تفسير قوله تعالى ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ) [2] ان العمل الصالح يقول لصاحبه عند أهوال القيامة : اركبني ولطال ما ركبتك في الدنيا فيركبه ويتخطى [3] به شدايدها . وروى داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ان العمل الصالح ليمهد لصاحبه في الجنة كما يرسل الرجل غلامه بفراشه فيفرش له ، ثم قرء ( ومن عمل صالحا فلا نفسهم يمهدون ) [4] فمن أحضر في قلبه الآخرة وأهوالها ومنازلها الرفيعة عند الله استحقر ما يتعلق بالخلق أيام الحياة مع ما فيه من الكدورات والمنغصات جمع همه ، وصرف إلى الله قلبه وتخلص من مذلة الرياء ومقاسات قلوب الخلق ، وانعطف من اخلاصه أنوار على قلبه ينشرح بها صدره وينطق بها لسانه ، وينفتح له من الطاف الله ما يزيده الله انسا ومن الناس وحشة ، واحتقارا للدنيا واعظاما للآخرة ، وسقط محل الخلق عن قلبه ، وانحل عنه داعية الرياء ، وآثر الوحدة وأحب الخلوة ، وهطلت [5] عليه سحائب ا لرحمة ، ونطق لسانه بطرائف الحكمة .