نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 159
واما الورعون عن معاصي فانى أفتش الناس ولا أفتشهم [1] . وفى خطبة الوداع لرسول الله صلى الله عليه وآله : ومن ذرفت عيناه من خشية الله كان له بكل قطرة من دموعه مثل جبل أجد تكون في ميزانه من الاجر ، وكان له بكل قطرة عين من الجنة على حافتيها من المدائن والقصور ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر ب ( على ) قلب بشر .
[1] والزهد في الدنيا عدم الرغبة في أموال الدنيا واعتباراتها ، وما يشغل عن الله فيها ولنذكر هنا معنى الدنيا وما هو مذموم منها فان ذلك قد اشتبه على أكثر الخلائق ، فكثير منهم يسمون أمرا حقا بالدنيا ويذمونه ويختارون شيئا هو عين الدنيا المذمومة ويسمونه زهدا . ويشبهون ذلك على الجاهلين اعلم أن الدنيا تطلق على معان : الأول حياة الدنيا ، وهي ليست بمذمومة على الاطلاق ، وليست مما يحب بغضه وتركه بل المذموم منها ان يحب البقاء في الدنيا للمعاصي ، والأمور الباطلة ، أو يطول الامل فيها ، ويعتمد عليها فبذلك يسوف التوبة والطاعات ، وينسى الموت ، ويبادر بالمعاصي والملاهي اعتمادا على أنه يتوب في آخر عمره عند مشيبه ، ولذلك يجمع الأموال الكثيرة ويبنى الأبنية الرفيعة ويكره الموت لتعلقه بالأموال وحبه للأزواج والأولاد ويكره الجهاد والقتل في سبيل الله لحبه للبقاء أو يترك الصوم وقيام الليل وأمثال ذلك لئلا يصير سببا لنقص عمره والحاصل ان من يحب العرش والبقاء والعمر . للأغراض الباطلة فهو مذموم ومن يحبه للطاعات وكسب الكمالات وتحصيل السعادات فهو ممدوح وهو عين الآخرة فلذا طلب الأنبياء والأوصياء عليهم السلام طول العمر والبقاء في الدنيا . الثاني الدينار والدرهم وأموال الدنيا وأمتعتها ، وهذه أيضا ليست مذمومة بأسرها بل المذموم منها ما كان من حرام أو شبهة ، أو وسيلة إليها وما يلهى عن ذكر الله ويمنع عبادة الله أو يحبها حبا لا يبذلها في الحقوق الواجبة والمستحبة ، وفى سبيل طاعة الله كما مدح الله تعالى جماعة حيث قال ( رجال لا تلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة ) النور : 4 2 الثالث التمتع بملاذ الدنيا من المأكولات والمشروبات والمنكوحات والملبوسات والمركوبات والمساكن الواسعة وأشباه ذلك ، وقد وردت أخبار كثيرة في استحباب التلذذ بكثير من ذلك ما لم يكن مشتملا على حرام أو شبهة أو اسراف وتبذير وفى ذم تركها والرهبانية فإذا عرفت ذلك فاعلم أن الذي يظهر من مجموع الآيات ولاخبار على ما نفهمه ان الدنيا المذمومة مركبة من مجموع أمور يمنع الانسان من طاعة الله وحبه وتحصيل الآخرة فالدنيا والآخرة ضرتان متقابلتان فكلما يوجب رضى الله سبحانه وقربه فهو من الآخرة وإن كان بحسب الظاهر من اعمال الدنيا ، والرياضيات المبتدعة والأعمال الريائية وإن كان مع الترهب وأنواع المشقة فإنها من الدنيا انتهى موضع الحاجة بعد التلخيص ( مرآة ) . .
نام کتاب : عدة الداعي ونجاح الساعي نویسنده : ابن فهد الحلي جلد : 1 صفحه : 159