نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 46
في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء - إلى أن قال : - ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين * قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإن لا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين " [1] . لا ريب أن الظاهر من قول نوح ( عليه السلام ) أنه كان يريد الدعاء لابنه بالنجاة ، غير أن التدبر في آيات القصة يكشف الغطاء عن حقيقة الأمر بنحو آخر . فمن جانب أمره الله بركوب السفينة هو وأهله والمؤمنون بقوله : " احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن " [2] فوعده بإنجاء أهله واستثنى منهم من سبق عليه القول ، وقد كانت امرأته كافرة كما ذكرها الله في قوله : " ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط " [3] وأما ابنه فلم يظهر منه كفر بدعوة نوح ، والذي ذكره الله من أمره مع أبيه وهو في معزل إنما هو معصية بمخالفة أمره ( عليه السلام ) وليس بالكفر الصريح ، فمن الجائز أن يظن في حقه أنه من الناجين ، لظهور كونه من أبنائه وليس من الكافرين ، فيشمله الوعد الإلهي بالنجاة . ومن جانب قد أوحى الله تعالى إلى نوح ( عليه السلام ) حكمه المحتوم في أمر الناس كما قال : " وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون * واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون " [4] فهل المراد بالذين ظلموا الكافرون بالدعوة أو يشمل كل ظلم أو هو مبهم مجمل يحتاج إلى تفسير من لدن قائله تعالى ؟ فكأن هذه الأمور رابته ( عليه السلام ) في أمر ابنه ولم يكن نوح ( عليه السلام ) بالذي يغفل من مقام ربه ، وهو أحد الخمسة اولي العزم سادات الأنبياء ، ولم يكن لينسى وحي ربه :