نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 47
" ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون " ولا ليرضى بنجاة ابنه ولو كان كافرا ماحضا في كفره ، وهو ( عليه السلام ) القائل فيما دعا على قومه : " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " [1] ولو رضي في ابنه بذلك لرضي بمثله في امرأته . ولذلك لم يجترئ ( عليه السلام ) على مسألة قاطعة ، بل ألقى مسألته كالعارض المستفسر لعدم إحاطته بالعوامل المجتمعة واقعا على أمر ابنه ، بل بدأ بالنداء باسم الرب لأنه مفتاح دعاء المربوب المحتاج السائل ، ثم قال : " إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق " كأنه يقول : وهذا يقضي بنجاة ابني " وأنت أحكم الحاكمين " لا خطأ في أمرك ولا مغمض في حكمك فما أدري إلى م انجر أمره ؟ وهذا هو الأدب الإلهي أن يقف العبد على ما يعلمه ، ولا يبادر إلى مسأله ما لا يدري وجه المصلحة فيه . فألقى نوح ( عليه السلام ) القول على وجد منه كما يدل عليه لفظ النداء في قوله : " ونادى نوح ربه " فذكر الوعد الإلهي ولما يزد عليه شيئا ولا سأل أمرا . فأدركته العصمة الإلهية وقطعت عليه الكلام ، وفسر الله سبحانه له معنى قوله في الوعد : " وأهلك " أن المراد به الأهل الصالحون وليس الابن بصالح ، وقد قال تعالى من قبل : " ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون " وقد أخذ نوح ( عليه السلام ) بظاهر الأهل ، وأن المستثنى منهم هو امرأته الكافرة فقط ، ثم فرع عليه النهي عن السؤال فيما ليس له به علم ، وهو سؤال نجاة ابنه على ما كان يلوح إليه كلامه أنه سيسألها . فانقطع عنه السؤال بهذا التأديب الإلهي ، واستأنف ( عليه السلام ) بكلام آخر صورته صورة التوبة وحقيقته الشكر لما أنعم الله بهذا الأدب الذي هو من النعمة فقال : " رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم " فاستعاذ إلى ربه مما كان من طبع كلامه أن يسوقه إليه وهو سؤال نجاة ابنه ولا علم له بحقيقة حاله . ومن الدليل على أنه لم يقع منه سؤال بعد هو قوله : " أعوذ بك أن أسألك . . .