نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 41
أي أن يختار أعمالهم الصالحة المبنية على التوحيد الصادرة عنهم عن تأديب عملي إلهي . ونعني بهذا التأديب العملي ما يشير إليه قوله تعالى : " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين " [1] . فإن إضافة المصدر في قوله " فعل الخيرات . . . الخ " تدل على أن المراد به الفعل الصادر منهم من خيرات فعلوها وصلاة أقاموها وزكاة آتوها دون مجرد الفعل المفروض ، فهذا الوحي المتعلق بالأفعال في مرحلة صدورها منهم وحي تسديد وتأديب ، وليس هو وحي النبوة والتشريع ، ولو كان المراد به وحي النبوة لقيل : " وأوحينا إليهم أن افعلوا الخيرات وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " كما في قوله تعالى : " ثم أوحينا إليك أن اتبع " [2] وقوله : " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة " [3] إلى غير ذلك من الآيات ، ومعنى وحي التسديد أن يخص الله عبدا من عباده بروح قدسي يسدده في أعمال الخير والتحرز عن السيئة كما يسددنا الروح الإنساني في التفكر في الخير والشر ، والروح الحيواني في اختيار ما يشتهيه من الجذب والدفع بالإرادة ، وسيجئ الكلام المبسوط في ذلك إن شاء الله . وبالجملة فقوله : " فبهداهم اقتده " تأديب إلهي إجمالي له ( صلى الله عليه وآله ) بأدب التوحيد المنبسط على أعمال الأنبياء ( عليهم السلام ) المنزهة من الشرك . ثم قال تعالى - بعد ما ذكر عدة من أنبيائه ( عليهم السلام ) - في سورة مريم : " أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا * فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا * إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون