نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 40
آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين * ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم * ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون * أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين * أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " [1] يذكر تعالى أنبياءه الكرام ( عليهم السلام ) ذكرا جامعا ، ثم يذكر أنه أكرمهم بالهداية الإلهية وهي الهداية إلى التوحيد فحسب ، والدليل عليه قوله : " ولو أشركوا لحبط عنهم " فلم يذكر منافيا لما حباهم به من الهداية إلا الشرك ، فلم يهدهم إلا إلى التوحيد . غير أن التوحيد حكمه سار إلى أعمالهم متمكن فيها ، والدليل عليه قوله : " لحبط عنهم ما كانوا يعملون " فلولا أن الشرك جار في الأعمال متسرب فيها لم يستوجب حبطها ، فالتوحيد المنافي له كذلك . ومعنى سراية التوحيد في الأعمال كون صورها تمثل التوحيد ، وتحاكيه محاكاة المرآة لمرئيها ، بحيث لو فرض أن التوحيد تصور لكان هو تلك الأعمال بعينها ، ولو أن تلك الأعمال تجردت اعتقادا محضا لكانت هي هو بعينه . وهذا المعنى كثير المصداق في الصفات الروحية ، فإنك ترى أعمال المتكبر يمثل ما في نفسه من صفة الكبر والخيلاء ، وكذلك البائس المسكين يحاكي جميع حركاته وسكناته ما في سره من الذلة والاستكانة وهكذا . ثم أدب تعالى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) فأمره أن يقتدي بهداية من سبقه من الأنبياء ( عليهم السلام ) لا بهم ، والاقتداء إنما يكون في العمل دون الاعتقاد ، فإنه غير اختياري بحسب نفسه ،