نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 42
شيئا " [1] . فذكر تعالى أدبهم العام في حياتهم أنهم يعيشون على الخضوع عملا وعلى الخشوع قلبا لله عز اسمه فإن سجودهم عند ذكر آيات الله تعالى مثال الخضوع ، وبكاءهم وهو لرقة القلب وتذلل النفس آية الخشوع ، وهما معا كناية عن استيلاء صفة العبودية على نفوسهم بحيث كلما ذكروا بآية من آيات الله بان أثره في ظاهرهم كما استولت الصفة على باطنهم ، فهم على أدبهم الإلهي وهو سمة العبودية إذا خلوا مع ربهم وإذا خلوا للناس ، فهم يعيشون على أدب إلهي مع ربهم ومع الناس جميعا . ومن الدليل على أن المراد به الأدب العام قوله تعالى في الآية الثانية : " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات " فإن الصلاة وهي التوجه إلى الله هي حالهم مع ربهم واتباع الشهوات حالهم مع غيرهم من الناس ، وحيث قوبل أولئك بهؤلاء أفاد الكلام أن أدب الأنبياء العام أن يراجعوا ربهم بسمة العبودية ، وأن يسيروا بين الناس بسمة العبودية ، أي تكون بنية حياتهم مبنية على أساس أن لهم ربا يملكهم ويدبر أمرهم ، منه بدؤهم وإليه مرجعهم . فهذا هو الأصل في جميع أحوالهم وأعمالهم . والذي ذكره تعالى من استثناء التائبين منهم أدب آخر إلهي بدأ فيه بآدم ( عليه السلام ) أول الأنبياء حيث قال : " وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى " [2] وسيجئ بعض القول فيه إن شاء الله تعالى . وقال تعالى : " ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا * الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا " [3] . أدب عام أدب الله سبحانه به أنبياءه ( عليهم السلام ) وسنة جارية له فيهم أن لا يتحرجوا