نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 39
فلذلك كله كان من الواجب أن يكون المعلم المربي ذا إيمان بمواد تعليمه وتربيته . على أن الإنسان الخالي عن الإيمان بما يقوله حتى المنافق المتستر بالأعمال الصالحة المتظاهر بالإيمان الصريح الخالص لا يتربى بيده إلا من يمثله في نفسه الخبيثة ، فإن اللسان وإن أمكن إلقاء المغايرة بينه وبين الجنان بالتكلم بما لا ترضى به النفس ولا يوافقه السر إلا أن الكلام من جهة أخرى فعل ، والفعل من آثار النفس ورشحاتها ، وكيف يمكن مخالفة الفعل لطبيعة فاعله ؟ فالكلام من غير جهة الدلالة اللفظية الوضعية حامل لطبيعة نفس المتكلم من إيمان أو كفر أو غير ذلك ، وواضعها وموصلها إلى نفس المتعلم البسيطة الساذجة فلا يميز جهة صلاحه - وهو جهة دلالته الوضعية - من جهة فساده - وهو سائر جهاته - إلا من كان على بصيرة من الأمر ، قال تعالى في وصف المنافقين لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) : " ولتعرفنهم في لحن القول " [1] فالتربية المستعقبة للأثر الصالح هو ما كان المعلم المربي في هذا إيمان بما يلقيه إلى تلامذته مشفوعا بالعمل الصالح الموافق لعلمه ، وأما غير المؤمن بما يقوله أو غير العامل على طبق علمه فلا يرجى منه خير . ولهذه الحقيقة مصاديق كثيرة وأمثلة غير محصاة في سلوكنا معاشر الشرقيين والإسلاميين خاصة في التعليم والتربية في معاهدنا الرسمية وغير الرسمية ، فلا يكاد تدبير ينفع ولا سعي ينجح . وإلى هذا الباب يرجع ما نرى أن كلامه تعالى يشتمل على حكاية فصول من الأدب الإلهي المتجلي من أعمال الأنبياء والرسل ( عليهم السلام ) مما يرجع إلى الله سبحانه من أقسام عباداتهم وأدعيتهم وأسئلتهم ، أو يرجع إلى الناس في معاشراتهم ومخاطباتهم ، فإن إيراد الأمثلة في التعليم نوع من التعليم العملي بإشهاد العمل . 5 - قال الله تعالى بعد ذكر قصة إبراهيم في التوحيد مع قومه : " وتلك حجتنا