وأجازها الأكثرُ ؛ ولهذا يُوجدُ في مصنّفاتهم : " كَتَبَ إليّ فلانٌ قال : حدّثنا فلان " ، وهو معمولٌ به عندهم ، معدودٌ في الموصول ؛ لإشعاره بمعنى الإجازة وإن لم يقترنْ بها لفظاً ، ولأنّ الكتابةَ للشخص المعيّن وإرساله إليه قرينةٌ قويّةٌ على الإجازة للمكتوب . وقد تقدّمَ أنّ الإخبار لا ينحصرُ في اللفظ ، ولهذا يكتفى في الفتوى بالكتابة ، مع أنّ الأمرَ في الفتوى أخطرُ . ويكفي في ذلك معرفةُ خطّ الكاتب ، وقد وقع للأئمّة ( عليهم السلام ) من ذلك الكثيرُ الذي لا يُنكرُ ، مثل : " كَتَبْتُ إليه ، فكَتَبَ إليّ " و " قَرَأْتُ خطّهُ وأنا أعرفُهُ " ، ولم ينكرْ أحدٌ منّا جوازَ العمل به ، ولولا ذلك كانت مكاتباتُهم وكتاباتُهم عَبَثاً . وشَرَطَ بعضهم البيّنةَ ، وهو ضعيفٌ ؛ إذْ هو غيرُ معروف ، والاعتمادُ في ذلك على الظنّ الغالب ، وهو حاصلٌ مع معرفة الخطّ وأمْن التزوير . وطريقُ الرواية بها : " كَتَبَ إليّ فلانٌ " أو " أَخْبَرَنا مكاتبةً " أو " كتابةً " ، ولا يجوزُ إطلاق : " حَدَّثَنا " و " أَخْبَرَنا " مجرّدَيْنِ ؛ ليتميّزَ عن السماع وشبهه ، وإن جوّزَهما كثيرٌ من المحدّثين . وإذا صحّت المكاتبةُ فهي أنزلُ من السماع ، فيرجّحُ ما رُوِيَ به عليها مع تساويهما في الصحّة ، وكيف كان ف " أخْبَرَنا " هنا أقربُ من " حَدَّثَنا " ؛ لأنّها إخبار في المعنى ، وقد أطلق الإخبار لغةً على ما هو أعمُّ من اللفظ ، كما قيل : * وتُخْبِرُني العينانِ والقلبُ كاتِمُ * السادس : الإعلام وهو أن يُعْلِمَ الشيخُ الطالبَ أنّ هذا الحديثَ أو الكتابَ سماعه ، مقتصراً عليه . وقد أوجبَ الكلُّ العملَ به إذا صحَّ سندُه ، وجوّزَ الروايةَ به كثيرٌ من علماء الحديث ؛ تنزيلا له منزلةَ القراءة على الشيخ ، فإنّه إذا قَرَأَ عليه وأقَرَّ بأنّه روايتُه عن فلان ، جازَ له روايتُه عنه وإن لم يسمعه من لفظه ولم يقلْ له : " اِرْوِه عنّي " أو " أَذِنْتُ لك روايتَه عنّي " .