وإن كان ولابدّ من تجاوز ذلك ، فالعمل على خبر المخالف الثقة ؛ لِيسلم من ظاهر النهي عن قبول خبر الفاسق ظاهراً ، ومنع إطلاقه على المخالف مطلقاً . وقد تقدّمت الإشارة إليه . أمّا المنصوص على ضعفه فلا عذر في قبول قوله ، كما يتّفق ذلك للشيخ ( رحمه الله ) في موارد كثيرة . والله تعالى أعلم بحقائق أحكامه . [ المسألة ] ( الثانية : تُعرف العدالة ) المعتبرة في الراوي ( بتنصيص عدلين عليها ، أو بالاستفاضة ) ؛ بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل أو غيرهم من أهل العلم ، كمشايخنا السالفين من عهد الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني وما بعده إلى زماننا هذا ، لا يحتاج أحد من هؤلاء المشايخ المشهورين إلى تنصيص على تزكية ولا بيّنة على عدالة ؛ لما اشتهر في كلّ عصر من ثقتهم وضبطهم وورعهم ، زيادةً على العدالة . وإنّما يتوقّف على التزكية غير هؤلاء من الرواة الذين لم يشتهروا بذلك ، ككثير ممّن سبق على هؤلاء ، وهم طرق الأحاديث المدوّنة في الكتب غالباً . ( وفي الاكتفاء بتزكية الواحد ) العدل ( في الرواية قولٌ مشهور ) لنا ولمخالفينا ( 1 ) ، ( كما يكتفى به ) أي بالواحد ( في أصل الرواية ) . وهذه التزكية فرع الرواية ؛ فكما لا يعتبر العدد في الأصل فكذا في الفرع . وذهب بعضهم إلى اعتبار اثنين ( 2 ) كما في الجرح والتعديل في الشهادات . فهذا طريق معرفة عدالة الراوي السابق على زماننا .
1 . أُنظر مقدّمة ابن الصلاح : 52 ؛ وفتح المغيث 2 : 8 . 2 . هو المحقّق في معارج الأُصول : 150 . وقال ابن المؤلّف الشهيد في المنتقى 1 : 16 : " الأقرب عندي عدم الاكتفاء في تزكية الراوي بشهادة العدل الواحد . وهو قول جماعة من الأُصوليين ، ومختار المحقّق أبي القاسم بن سعيد " . ومن العامّة أكثر الفقهاء من أهل المدينة ، وللمزيد راجع فتح المغيث 2 : 8 - 9 .