فلما أتت أربعون سنة أمر الله عز وجل جبرئيل أن يهبط إليه باظهار الرسالة ، وذلك في اليوم السابع والعشرين من شهر الله الأصم ، فاجتاز بميكائيل ، فقال : أين تريد ؟ قال له : قد بعث الله عز وجل نبي الرحمة ، وأمرني أن أهبط إليه بالرسالة ، فقال له ميكائيل : فأجئ معك ؟ قال له : نعم ، فنزلا ووجدا رسول الله صلى الله عليه وآله نائما بالأبطح بين أمير المؤمنين وجعفر بن أبي طالب عليهم السلام . فجلس جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه ، ولم ينبهه جبرئيل إعظاما له ، فقال ميكائيل لجبرئيل : إلى أيهم بعثت ؟ قال : إلى الأوسط ، فأراد ميكائيل أن ينبهه فمنعه جبرئيل عليه السلام . ثم انتبه النبي صلى الله عليه وآله فأدى إليه جبرئيل الرسالة عن الله تعالى ، فلما نهض جبرئيل عليه السلام ليقوم ، أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بثوبه فقال ما اسمك ؟ قال له : جبرئيل ، ثم نهض رسول الله ليلحق بغنمه فما مر بشجرة ولا مدرة إلا سلمت عليه وهنأته . ثم كان جبرئيل عليه السلام يأتيه ، فلا يدنو منه إلا بعد أن يستأذن عليه ، فأتاه يوما وهو بأعلى مكة ، فغمز بعقبه بناحية الوادي ، فانفجرت عين فتوضأ جبرئيل عليه السلام وتوضأ رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم صلى الظهر ، وهي أول صلاة فرضها الله عز وجل ، وصلى أمير المؤمنين عليه السلام تلك الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله فرجع رسول الله من يومه فجاء إلى خديجة ، فأخبرها ، فتوضأت وصلت صلاة العصر من ذلك اليوم [1] . ثم أنزل الله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) [2] فجمع رسول الله صلى الله عليه وآله بني هاشم وهم نحو أربعين رجلا ، فأمر أمير المؤمنين
[1] أخرج من قوله : ( فجلس جبرئيل ) إلى هنا في البحار ج 18 / 196 عن مناقب ابن شهرآشوب ج 1 / 45 باختلاف . [2] الشعراء : 214 .