عليه السلام ، فانضج لهم رجل شاة ، وخبز لهم صاعا من طعام ، وجاء بعس [1] من لبن ، ثم أدخل إليه منهم عشرة فأكلوا حتى صدروا ، وأن منهم ليأكل الجذعة ، ويشرب الفرق ، ثم جعل يدخل إليه عشرة عشرة ، حتى أكلوا جميعا وصدروا . ثم قال لهم : إني بعثت إلى الأبيض ، والأسود ، والأحمر ، وأن الله عز وجل أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، وأني لا أملك لكم من الله حظا إلا أن تقولوا : لا إله إلا الله ، فقال : له أبو لهب لعنه الله : لهذا دعوتنا ؟ ثم تفرقوا عنه ، فأنزل الله تعالى : ( تبت يدا أبي لهب ) إلى الآخر . ثم دعاهم دفعة ثانية ، فأطعمهم وسقاهم كالدفعة الأولى ، ثم قال لهم : يا بني عبد المطلب ، أطيعوني تكونوا ملوك الأرض وحكامها ، وما بعث الله نبيا إلا جعل له وصيا وأخا ووزيرا ، فأيكم يكون أخي ، ووزيري ، ووصيي ، ووارثي ، وقاضي ديني ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو أصغر القوم سنا : أنا يا رسول الله ، فلذلك كان وصيه . وروي أنه جمعهم ، وهم خمسة وأربعون رجلا ، منهم أبو لهب ، فظن أبو لهب أنه يريد أن ينزع عما دعاهم إليه ، فقام إليه فقال : يا محمد هؤلاء عمومتك ، وبنو عمك قد اجتمعوا فتكلم ، واعلم أن قومك ليست لهم بالعرب طاقة . فقام صلى الله عليه وآله خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الرائد لا يكذب أهله ، والله الذي لا إله إلا هو ، إني رسول الله إليكم حقا خاصة ، وإلى الناس عامة ، والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبن كما تعملون ، ولتجزون بالاحسان إحسانا ، وبالسوء سوءا ، وإنها الجنة أبدا ، والنار أبدا ، إنكم أول من أنذرتم [2] .
[1] العس ( بضم العين وتشديد السين المهملتين ) : القدح أو الاناء الكبير . [2] أخرج من قوله : ( فقام خطيبا إلى هنا ) في البحار ج 18 / 197 عن مناقب ابن شهرآشوب ج 1 / 46 .