فنزل عليه جبرئيل ، وأنزل عليه ماءا من السماء ، فقال له : يا محمد قم توضأ للصلاة فعلمه جبرئيل الوضوء على الوجه واليدين من المرفق ، ومسح الرأس والرجلين إلى الكعبين ، وعلمه السجود والركوع . فلما تم له أربعون سنة أمره بالصلاة ، وعلمه حدودها ، ولم ينزل عليه أوقاتها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي ركعتين ركعتين في كل وقت ، وكان علي بن أبي طالب عليه السلام يألفه ، ويكون معه في مجيئه وذهابه لا يفارقه . فدخل علي عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلي ، فلما نظر إليه يصلي ، قال : يا أبا القاسم ما هذا ؟ قال : هذه الصلاة التي أمرني الله بها ، فدعاه إلى الاسلام فأسلم ، وصلى معه ، وأسلمت خديجة ، وكان لا يصلي إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي وخديجة خلفه ، فلما أتى لذلك أيام : دخل أبو طالب إلى منزل رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه جعفر ، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي بجنبه يصليان ، فقال لجعفر : يا جعفر صل جناح ابن عمك ، فوقف جعفر بن أبي طالب من الجانب الآخر ، فلما وقف على يساره بدر رسول الله صلى الله عليه وآله من بينهما وتقدم . وأنشأ أبو طالب في ذلك يقول : إن عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الزمان والكرب والله لا أخذل النبي ولا * يخذله من بني ذوي حسب لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لامي من بينهم وأبي [1] 4 - والذي ذكره ورواه الشيخ الفاضل محمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن علي المعروف بابن الفارسي في " روضة الواعظين " قال : إعلم أن الطائفة قد اجتمعت على أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان رسولا مستخفيا يصوم ويصلي على خلاف ما كانت قريش تفعله مذ كلفه الله تعالى .
[1] إعلام الورى : 47 وأخرجه في البحار ج 18 / 184 ح 14 عن قصص الأنبياء : 317 ح 395 إلى قوله : ( فوقف جعفر بن أبي طالب من الجانب الآخر ) .