وَالصَّالِحِينَ ، مِنْ جَارٍ كُنْتُ أُكَاتِمُهُ سَيِّئاتِي ، وَمِنْ ذِي رَحِمٍ كُنْتُ أَحْتَشِمُ مِنْهُ فِي سَرِيرَاتِي ، لَمْ أَثِقْ بِهِمْ رَبِّ فِي السِّتْرِ عَلَيَّ ، وَوَثِقْتُ بِكَ رَبِّ فِي المَغفِرَةِ لِيْ ، وَأَنْتَ أوْلَى مَنْ وُثِقَ بِهِ ، وَأَعْطَف مَنْ رُغِبَ إلَيْهِ ، وَأَرْأَفُ مَنِ اسْتُرْحِمَ فَارْحَمْنِي . أللهُمَّ وَأنتَ حَدَرْتَنِي مَاءً مَهِيناً مِنْ صُلبٍ مُتَضَائِقِ العِظَامِ ، حَرِجِ المَسَالِكِ ، إلَى رَحِمٍ ضَيِّقَةٍ سَتَرْتَهَا بِالحُجُبِ ، تُصَرِّفُنِي حَالاً عَنْ حَال ، حَتَّى انْتَهَيْتَ بِيْ إلَى تَمَامِ الصُّورَةِ وَأَثْبَتَّ فِيَّ الجَوَارحَ كَمَا نَعَتَّ فِي كِتَابِكَ : نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عِظَاماً ثُمَّ كَسَوْتَ العِظَامَ لَحْماً ، ثُمَّ أَنْشَأتَنِي خَلْقَاً آخَرَ كَمَا شِئْتَ ، حَتَّى إذَا احْتَجْتُ إلَى رِزْقِكَ ، وَلَمْ أَسْتَغْنِ عَنْ غِيَاثِ فَضْلِكَ ، جَعَلْتَ لِي قُوتاً مِنْ فَضْلِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ أَجْرَيْتَهُ لأمَتِكَ الَّتِيْ أَسْكَنْتَنِي جَوْفَهَا ، وَأَوْدَعْتَنِي قَرَارَ رَحِمِهَا ، وَلَوْ تَكِلُنِي يَا رَبِّ فِي تِلْكَ الحَالاتِ إلَى حَوْلِي ، أَوْ تَضْطَرُّنِي إلَى قُوّتي لَكَانَ الحَوْلُ عَنِّي مُعْتَزِلاً ، وَلَكَانَتِ القُوَّةُ مِنِّي بَعِيدَةً ، فَغَذَوْتَنِي بِفَضْلِكَ غِذَاءَ البَرِّ اللَّطِيفِ ، تَفْعَلُ ذَلِكَ بِي تَطَوُّلاً عَلَيَّ إلَى غَايَتِي هَذِهِ ، لاَ أَعْدَمُ بِرَّكَ ، وَلاَ يُبْطِئُ بِي حُسْنُ صَنِيعِكَ ، وَلاَ تَتَأكَّدُ مَعَ ذَلِكَ ثِقَتِي ، فَأَتَفَرَّغَ لِمَا هُوَ أَحْظَى لِيْ عِنْدَكَ ، قَدْ مَلَكَ الشَّيْطَانُ عِنَانِي فِي سُوءِ الظَّنِّ وَضَعْفِ اليَقِينِ ، فَأَنَا أَشْكُو سُوْءَ مُجَاوَرَتِهِ لِي وَطَاعَةَ نَفْسِي لَهُ ، وَأَسْتَعْصِمُكَ مِنْ مَلَكَتِهِ ، وَأَتَضَرَّعُ إلَيْكَ فِي صَرْفِ كَيْدِهِ عَنّي ، وَأَسئَلك فِي أَنْ تُسَهِّلَ إلَى رِزْقِي سَبِيلاً ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلَى ابْتِدَائِكَ بِالنِّعَمِ الجِسَامِ ، وَالهَامِكَ الشُّكْرَ عَلَى الإحْسَانِ وَالإِنْعَامِ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَسَهِّلْ عَلَيَّ رِزْقِي ، وَأَنْ تُقَنِّعَنِي بِتَقْدِيرِكَ لِيْ ، وَأَنْ تُرْضِيَنِي بِحِصَّتِيْ فِيمَا قَسَمْتَ لِيْ ، وَأَنْ تَجْعَلَ مَا ذَهَبَ مِنْ