مُرْدِيَة ، حَتَّى إذَا قَارَفْتُ مَعْصِيَتَكَ ، وَاسْتَوْجَبْتُ بِسُوءِ سَعْيِي سَخْطَتَكَ ، فَتَلَ عَنِّي عِذَارَ غَدْرِهِ ، وَتَلَقَّانِي بكَلِمَةِ كُفْرهِ ، وَتَوَلَّى البَراءَةَ مِنِّي ، وَأَدْبَرَ مُوَلِّيَاً عَنِّي ، فَأَصْحَرنِي لِغَضَبِكَ فَرِيداً ، وَأَخْرَجَني إلى فِنَاءِ نَقِمَتِكَ طَرِيداً ، لاَ شَفِيعٌ يَشْفَعُ لِيْ إلَيْكَ ، وَلاَ خَفِيرٌ يُؤْمِنُنِي عَلَيْكَ ، وَلاَ حِصْنٌ يَحْجُبُنِي عَنْكَ ، وَلاَ مَلاَذٌ الجَأُ إلَيْهِ مِنْكَ . فَهَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ ، وَمَحَلُّ المُعْتَرِفِ لَكَ ، فَلاَ يَضِيقَنَّ عَنِّي فَضْلُكَ ، وَلا يَقْصُرَنَّ دونِي عَفْوُكَ ، وَلا أكُنْ أَخْيَبَ عِبَادِكَ التَّائِبِينَ ، وَلاَ أَقْنَطَ وفُودِكَ الآمِلِينَ ، وَاغْفِرْ لِي إنَّكَ خَيْرُ الغَافِرِينَ . اللَّهُمَّ إنَّكَ أَمَرْتَنِي فَتَرَكْتُ ، وَنَهَيْتَنِي فَرَكِبْتُ ، وَسَوَّلَ لِيَ الخَطَأَ خَاطِرُ السُّوءِ فَفَرَّطْتُ ، وَلا أَسْتَشْهِدُ عَلَى صِيَامِي نَهَاراً ، وَلاَ أَسْتَجِيرُ بِتَهَجُّدِي لَيْلاً ، وَلاَ تُثْنِي عَلَيَّ بِإحْيَائِهَا سُنَّةً حَاشَا فُرُوضِكَ الَّتِي مَنْ ضَيَّعَها هَلَكَ ، وَلَسْتُ أَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِفَضْلِ نَافِلَةٍ مَعَ كَثِيرِ مَا أَغْفَلْتُ مِنْ وَظَائِفِ فُرُوضِكَ ، وَتَعَدَّيْتُ عَنْ مَقَامَاتِ حُدُودِكَ إلَى حُرُمَاتٍ انْتَهَكْتُهَا ، وَكَبَائِرِ ذُنُوبٍ اجْتَرَحْتُهَا ، كَانَتْ عَافِيَتُكَ لِي مِنْ فَضَائِحِهَا سِتْراً . وَهَذَا مَقَامُ مَنِ اسْتَحْيَى لِنَفْسِهِ مِنْكَ ، وَسَخِطَ عَلَيْهَا ، وَرَضِيَ عَنْكَ ، فَتَلَقَّاكَ بِنَفْسٍ خَاشِعَةٍ ، وَرَقَبَةٍ خَاضِعَةٍ ، وَظَهْرٍ مُثْقَلٍ مِنَ الخَطَايَا ، وَاقِفاً بَيْنَ الرَّغْبَةِ إلَيْكَ وَالرَّهْبَةِ مِنْكَ ، وَأَنْتَ أَوْلَى مَنْ رَجَاهُ ، وَأَحَقُّ مَنْ خَشِيَهُ وَاتّقاهُ ، فَاعْطِنِي يَا رَبِّ مَا رَجَوْتُ ، وَأمِنِّي مَا حَذِرْتُ ، وَعُدْ عَلَيَّ بِعَائِدَةِ رَحْمَتِكَ إنَّكَ أكْرَمُ المَسْؤُولِينَ . اللَّهُمَّ وَإذْ سَتَرْتَنِي بِعَفْوِكَ ، وَتَغَمَّدْتَنِي بِفَضْلِكَ فِي دَارِ الفَنَاءِ بِحَضرَةِ الأكْفَاءِ ، فَأَجِرْنِي مِنْ فَضِيحَاتِ دَارِ البَقَاءِ عِنْدَ مَوَاقِفِ الأشْهَادِ مِنَ المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ ، وَالرُّسُلِ المُكَرَّمِينَ ، وَالشُّهَدَاءِ