أوراقا ، لتكون مقدمة لاستدراك ما عساه يشذ عنى عاجلا ، ويقع إليّ آجلا . وإذا جاء شيء من كلامه - عليه السّلام - الخارج في أثناء حوار ، أو جواب سؤال ، أو غرض آخر من الأغراض - في غير الأنحاء الَّتي ذكرتها ، وقررت القاعدة عليها - نسبته إلى أليق الأبواب به ، وأشدها ملامحة لغرضه . وربما جاء فيما أختاره من ذلك فصول غير متّسقة ، ومحاسن كلم غير منتظمة لأني أورد النكت واللَّمع ، ولا أقصد التتالي والنسق . ومن عجائبه عليه السّلام ، التي انفرد بها وأمن المشاركة فيها ، أن كلامه الوارد في الزهد والمواعظ ، والتذكير والزواجر ، إذ تأمله المتأمل ، وفكر فيه المتفكَّر ، وخلع من قلبه أنه كلام مثله ممن عظم قدره ، ونفذ أمره ، وأحاط بالرقاب ملكه ، لم يعترضه الشك في أنه كلام من لا حظَّ له في غير الزّهادة ، ولا شغل له بغير العبادة ، قد قبع في كسر بيت أو انقطع إلى سفح جبل ، لا يسمع الا حسّه ، ولا يرى إلا نفسه ، ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه ، فيقطَّ الرقاب ، ويجدّل الأبطال ، ويعود به ينطف دما ، ويقطر مهجا ، وهو مع تلك الحال زاهد الزهاد ، وبدل الأبدال . وهذه من فضائله العجيبة ، وخصائصه اللَّطيفة ، التي جمع بها بين الأضداد ، وألف بين الأشتات ، وكثيرا ما أذاكر الاخوان بها ، وأستخرج عجبهم منها ، وهى موضع للعبرة بها ، والفكرة فيها . وربما جاء في أثناء هذا الاختيار اللفظ المردد ، والمعنى المكرر ، والعذر في ذلك أن روايات كلامه تختلف اختلافا شديدا : فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجهه ، ثم وجد بعد ذلك في رواية أخرى موضوعا غير موضعه الأول : اما بزيادة مختارة ، أو لفظ أحسن عبارة ، فتقتضي الحال أن يعاد ، استظهارا للاختيار ، وغيرة على عقائل الكلام . وربما