بعد العهد أيضا بما اختير أو لا فأعيد بعضه سهوا أو نسيانا ، لا قصدا واعتمادا . ولا أدعى - مع ذلك - أنى أحيط بأقطار جميع كلامه عليه السّلام حتى لا يشذ عني منه شاذ ، ولا يندّ نادّ . بل لا أبعد أن يكون القاصر عنى فوق الواقع إليّ ، والحاصل في ربقتي دون الخارج من يديّ ، وما علىّ إلا بذل الجهد ، وبلاغ الوسع ، وعلى اللَّه سبحانه وتعالى نهج السبيل ، وارشاد الدّليل ، ان شاء اللَّه . ورأيت من بعد تسمية هذا الكتاب ب « نهج البلاغة » إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها . ويقرّب عليه طلابها ، فيه حاجة العالم والمتعلم ، وبغية البليغ والزاهد ، ويمضى في أثنائه من عجيب الكلام في التوحيد والعدل ، وتنزيه اللَّه سبحانه وتعالى عن شبه الخلق ، وما هو بلال كل غلَّة ، وشفاء كل علَّة ، وجلاء كل شبهة . ومن اللَّه سبحانه أستمدّ التوفيق والعصمة ، وأتنجّز التسديد والمعونة ، وأستعيذه من خطأ الجنان ، قبل خطأ اللَّسان ، ومن زلة الكلم ، قبل زلة القدم ، وهو حسبي ونعم الوكيل .