يرمي مثل هذا الرمي ، أين رمي جعفر من رميك ؟ فقال : إنا نحن نتوارث الكمال والتمام اللذين أنزلهما الله على نبيه ( عليه السلام ) في قوله : * ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) * [1] والأرض لا تخلو ممن يكمل [2] هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا . قال : فلما سمع ذلك من أبي انقلبت عينه اليمنى فاحولت واحمر وجهه ، وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب ، ثم أطرق هنيئة ، ثم رفع رأسه فقال لأبي : ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد ؟ فقال أبي : نحن كذلك ، ولكن الله ( جل ثناؤه ) اختصنا من مكنون سره وخالص علمه ، بما لم يختص أحدا به غيرنا . فقال : أليس الله ( جل ثناؤه ) بعث محمدا ( صلى الله عليه وآله ) من شجرة عبد مناف إلى الناس كافة ، أبيضها وأسودها وأحمرها ، من أين ورثتم ما ليس لغيركم ؟ ورسول الله مبعوث إلى الناس كافة ، وذلك قول الله ( تبارك وتعالى ) : * ( ولله ميراث السماوات والأرض ) * [3] إلى آخر الآية ، فمن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ولا أنتم أنبياء ؟ فقال : من قوله ( تعالى ) لنبيه ( عليه السلام ) : * ( لا تحرك به لسانك لتعجل به ) * [4] فالذي أبداه فهو للناس كافة ، والذي لم يحرك به لسانه ، أمر الله ( تعالى ) أن يخصنا به من دون غيرنا . فلذلك كان يناجي أخاه عليا من دون أصحابه ، وأنزل الله بذلك قرآنا في قوله ( تعالى ) : * ( وتعيها أذن واعية ) * [5] فقال رسول الله لأصحابه : سألت الله ( تعالى ) أن يجعلها أذنك يا علي ، فلذلك قال علي بن أبي طالب ( صلوات الله عليه ) بالكوفة : علمني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب ، خصه به رسول
[1] المائدة 5 : 3 . [2] في " ط " : يعني ورضيت لكم الاسلام دينا فالأرض ممن يكمل دينه لا تخلو ، فكان ذلك علامة ، وفي " م " : والأرض لا تخلو ممن يكمل وجهه ، وكان ذلك علامة . [3] آل عمران 3 : 180 ، الحديد 57 : 10 . [4] القيامة 75 : 16 . [5] الحاقة 69 : 12 .