وقال الأسفرائيني : اتفق جمهور أهل السنة والجماعة على أصول من أركان الدين ، كل ركن منها يجب على كل عاقل بالغ معرفة حقيقته ، ثم ذكر الأركان إلى أن قال : والركن الثاني عشر : إن الإمامة فرض واجب على الأمة لأجل إقامة الإمام ، ينصب لهم القضاة والأمناء ، ويضبط ثغورهم ، ويغزي جيوشهم ، ويقسم الفئ بينهم ، وينتصف لمظلومهم من ظالمهم [1] . وقالت الإمامية : ليس في الاسلام أمر أهم من تعيين الإمام ، وإن الإمام لطف من الله يجب نصبه تحصيلا للغرض [2] . ومن هذا يثبت أن إجماعهم على وجوب الإمامة مما لا ريب فيه ، ولكن بعد أن تحقق هذا الإجماع افترقوا فيها على فرقتين : قالت إحداهما : إن الإمامة تثبت بالاتفاق والاختيار . وقالت الأخرى : إنها تثبت بالنص والتعيين . فمن قال بالقول الأول فقد ذهب إلى القول بإمامة كل من صارت إليه الإمامة ولو باتفاق جزء من الأمة ، إما مطلقا وإما بشرط أن يكون قرشيا ، فقالوا بإمامة معاوية وأولاده ، وبعدهم مروان وأولاده ثم بني العباس [3] . وأما أصحاب القول الثاني ، فقد ذهبوا إلى أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد نص على علي ( عليه السلام ) بالإمامة من بعده ، ثم على أحد عشر من ولده ، آخرهم الإمام المهدي المنتظر ( عليهم السلام أجمعين ) . وبعد هذا الاختلاف ، واختلافات أخرى تشعبت عن الفريقين ، صارت الإمامة محل النزاع الأكبر في هذه الأمة حتى قيل : إنه ما سل سيف في الاسلام على قاعدة دينية كما سل على الإمامة في كل زمان . فمن هنا أصبح حريا أن تقام عليها الدلائل وتنصب البراهين ، فكان ذلك حقا
[1] الفرق بين الفرق : 323 ، 349 . [2] المقالات والفرق : 139 ، تجريد الاعتقاد : 221 . ومعنى اللطف : هو ما يقرب المكلف إلى الطاعة ويبعده عن المعصية . [3] الملل والنحل 1 : 33 - 34 .