وقال ( تعالى ) : * ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) * [1] . وقال ( تعالى ) : * ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) * [2] . فالإمامة إذن هي الامتداد الصحيح والضروري للنبوة ، وهي حصن الدين وسوره ودعامته التي لا يستقيم إلا بها ، وهي زعامة عظمي في أمور الدين والدنيا ، وولاية عامة ، على كافة الأمة القيام بأمورها والنهوض بأعبائها ، وقد أجمعت الأمة على وجوب عقدها في كل زمان . قال الماوردي : عقد الإمامة لمن يقوم بها واجب بالاجماع ، وإن شذ عنه الأصم [3] . وقال أبو الحسن الأشعري : قال الناس كلهم - إلا الأصم - : لا بد من إمام . وقال الأصم : لو تكاف الناس عن التظالم لاستغنوا عن الإمام [4] . وقال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) " لا بد للناس من أمير " : هذا نص صريح منه ( عليه السلام ) بأن الإمامة واجبة ، وقد اختلف الناس في هذه المسألة فقال المتكلمون : الإمامة واجبة ، إلا ما يحكى عن أبي بكر الأصم من قدماء أصحابنا - المعتزلة - أنها غير واجبة إذا تناصفت الأمة ولم تتظالم . وقال المتأخرون من أصحابنا : إن هذا القول منه غير مخالف لما عليه الأمة ، لأنه إذا كان لا يجوز في العادة أن تستقيم أمور الناس من دون رئيس يحكم بينهم ، فقد قال بوجوب الرئاسة على كل حال [5] .
[1] المائدة 5 : 55 و 56 . [2] النساء 4 : 59 . [3] مآثر الإنافة 1 : 29 ، والأصم : هو عبد الرحمن بن كيسان ، أبو بكر الأصم ، من قدامي المعتزلة . [4] مقالات الاسلاميين 2 : 133 . [5] شرح نهج البلاغة 2 : 307 - 308 .