على قدر يوازي قدرها ، فأقيمت البراهين وأنشئت الدلائل ، ومن هذه الدلائل ما جاء مشتركا بين الفريقين ، ومنها ما تميز به كل منهما عن الآخر بحسب ما بينهما من اختلاف . ولكن حتى هذا القدر المشترك الذي قال به الجميع لا تجده ينطبق على الخلفاء الذين قال الفريق الأول بإمامتهم ، فلا يخفى أن الكثير من أولئك الخلفاء قد توصل إلى الخلافة بقوة السيف رغم مخالفة أغلب أبناء هذه الأمة ، فلا هو أتى باتفاق الأمة واختيارها ولا باتفاق أصحاب الحل والعقد ، ولا بتعيين مباشر بنص النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، كما أن منهم من كان مجاهرا بالفسوق ، منتهكا لحدود الله ، ميالا إلى المعاصي ، محاربا لأولياء الله ، وهذه صفات لا ينكرها أحد في خلفاء بني أمية وبني العباس ، وقليل منها متى وجد في أحدهم فهو كاف لسلب الأهلية عنه ، وبطلان خلافته ، وهذا قدر لا يختلف عليه المسلمون ، إلا من قال بصحة إمامة الفاجر للمؤمن ، وهذا قول غريب لا يستقيم مع معنى الاسلام وأهدافه ، ولا مع الغرض من بعثة الأنبياء وتبليغهم رسالات ربهم ( تعالى ) . من هنا إذن حق لنا أن نقتصر على ذكر ما يعتد به من دلائل الإمامة وما يلائم أهداف الشريعة وطبيعتها وبعثة الأنبياء وأهدافها ، تاركين الشاذ الغريب لضعفه - أولا - وبغية الاختصار - ثانيا - لأن الذي بين أيدينا هو مقدمة كتاب وليس كتاب . دلائل الإمامة : بعد ما ثبت أن الإمامة هي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا ، وأنها امتداد للوجود النبوي المقدس وحفظ لعهده وحماية لأمانته وقيام برسالته ، يمكننا أن نقول إن كل ما صح أن يكون دليلا على النبوة صح أن يكون دليلا على الإمامة ، فبه تعرف ، وبه يقوم الشاهد عليها ، فدلائل النبوة هي نفسها دلائل الإمامة ما خلا نزول الوحي الذي هو من شأن الأنبياء وحدهم ، ولا وحي بعد خاتم الأنبياء ، بالاجماع . ولكن عندما يختفي هذا الدليل هنا يحل محله دليل آخر ، هو من الوحي أيضا ، ولكنه وحي إلى النبي يحمل إليه أهم دلائل الإمامة وأول شروطها ، وبهذا تكون دلائل