الشبهة الخامسة - ظهور الروح الصوفي الفلسفي وقد حرّرها الأستاذ أحمد زكي بقوله : « أمّا الشك الخامس ، فإنّا مع اعتقادنا الكامل بأنّ الإمام كان خير قدوة في الزهد والورع وأعلى مثال في التقوى والاعراض عن زخرف الدنيا وزينتها ، نرى أنّ ما عزي إليه في هذا الباب لا يخلو من دخيل منتحل . فهاك اقرأ خطبته التي يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وانظر قوله فيها : « أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الاخلاص له ، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصف اللَّه سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثناه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه ، ومن قال : فيم فقد ضمنّه ، ومن قال : علام فقد أخلى منه ، كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم ، مع كلّ شيء لا بمقارنة ، وغير كلّ شيء لا بمزايلة ، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة . . الخ » ترى أنّ هذا الأسلوب قصيّ عن نهج الإمام ومسلكه ، فإنّ الفقر الأولى مفرغة في قالب مقدمات منطقية تفضي إلى نتيجة هي نفي الصفات عن اللَّه تعالى ، والفقر التالية لها مقدّمات أخرى تنتج أن من يثبت له الصفات فقد عده من الحوادث ، وهذا الأسلوب المنطقي لم يعهد في كلام العرب ، ولم يستعمله العلماء إلَّا بعد ترجمة المنطق والعلوم الدخيلة ، وذلك العصر لم يدركه الإمام . وفوق هذا ، فإنّ تلك المباحث من مباحث علم الكلام ، وإثبات صفات المعاني للَّه تعالى أو نفيها عنه وكون الصفة عين الموصوف أو مغايرة له ، موضع جدل شديد بين