responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دراسات في نهج البلاغة نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 254


فقد رأينا أن طول الامل ينسي الآخرة ، ونسيان الآخرة يدفع بالمرء إلى اتباع هواه ، وعند ذلك يعود الانسان خطرا اجتماعيا ، لان ذلك ينقلب به إلى حيوان ذي غرائز طاغية ، لا كابح لها ، تطلب المزيد من كل شئ .
فقصر الامل عبارة عن وعي الانسان لواقع حياته ، وأن الموت مدركه الآن أو غدا . وهذا الوعي يمسك يده عن الظلم حين لا يستطيع أن يصل إلى أغراضه إلا عن طريق الظلم ، ويسل من نفسه الشره والمطامع والاحقاد .
والشكر عند النعم ، وهو الركيزة الثانية التي يقوم عليها الزهد ، عبارة عن فعل الخير ، وإسداء المعروف إلى الناس ، فليس المراد من الشكر هنا الشكر باللسان ، لان الشكر باللسان لا يقدم ولا يؤخر في رقي المجتمع وتقدمه . إن الشكر المراد هنا هو الشكر بالفعل . فهذا الذي يعرف الدنيا على واقعها زاهد فيها ولذلك فهو لا يمسك يده عن اصطناع المعروف لأنه يعي أن ما ينفقه في سبل الخير باق له عند الله وعند الناس . أما ما أمسك يده عليه فيصير إلى غيره ليتمتع به .
والورع عند المحارم وهو الدعامة الثالثة من دعائم الزهد نتيجة طبيعية لفهم الدنيا على واقعها ، فإذا كانت الدنيا لا تستقر على حال ، وكانت خاتمتها الموت ، فلماذا نتهالك عليها على نحو يذهب بما فيها من بهجة ، فتغدو ( ؟ ) سلسلة من القلق والتربص والخداع والآلام ؟ لماذا لا نأخذ منها بقدر ، مترقبين نهايتها سعيدة كانت أو شقية ، فلئن كانت سعيدة فستنقضي ولماذا لا نقضيها على نحو أفضل ، ولئن كانت شقية فستنقضي أيضا ، ولماذا نزيدها شقاء وتعاسة ؟ . . حسبنا ما نلقى منها .
هذا هو الزهد .
فهل تجد فيه تنفيرا من الدنيا ، وإقصاء عنها ؟ لا ، إنه الموقف الصحيح من

254

نام کتاب : دراسات في نهج البلاغة نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست