البلدان لرددته ، فإن في العدل سعة ، ومن ضاق عليه الحق فالجور عليه أضيق ) [1] . وكانت سنة رسول الله صلى الله عليه وآله في توزيع الأموال هي التسوية بين الفاضل والمفضول ، لان النظر في هذا الامر إلى الحاجة لا إلى الفضل ، ولان الفضل ليس عرضا يشرى ويباع ، ولان الفاضل يجد عند الله وعند الناس ثواب فضله ، ولكن أبا بكر وعمر فضلا بعض الناس على بعض ، وإذا كانا قد فضلا فإنهما قد فعلا ذلك بحكمة أما عثمان فقد فضل دون مقياس للتفضيل ، وبذلك زاد التفاوت بين الطبقات فحشا وبعدا ، فلما جاء الإمام عليه السلام عدل عن هذه السياسة وسوى بين الناس في العطاء . وبقدر ما كانت هذه السياسة مصدر جذل وفرح للطبقة المستضعفة الفقيرة الرازحة تحت أثقال من الظلم كانت أيضا صفعة مدوية لقريش ولغرورها وخيلائها واستعلائها على الناس . فمن أين لها بعد اليوم أن تحوز الأموال العظيمة دون أن تنفرج شفتان تقولان لها : من أين لك هذا . وكيف لها بعد اليوم أن تستعلي ، وتستبد ، وتفرض على الناس في ظل الاسلام سلطانها عليهم في الجاهلية ؟ . وكانت هذه السياسة صفعة مدوية لزعماء القبائل العربية الذين كانوا يقبضون ليسكتوا . وكانت هذه السياسة صفعة مدوية لمن مالا ولاة عثمان على سياستهم من أهل المدينة وغيرهم .
[1] نهج البلاغة ، رقم النص : 15 ولم يذكر الشريف الرضي هذا النص بتمامه ، وإنما ذكره ابن أبي الحديد ، وغيره من شراح نهج البلاغة .