وقد امتد نفوذ هذه الطبقة في خلافة عثمان امتدادا هائلا ، فسيطرت على الحكم سيطرة مطلقة ، وحازت الأموال العظيمة التي أفاءها الله على المسلمين ، والتي كان المفروض فيها أن تذهب إلى المعدمين والفقراء ، وانتشرت هذه الطبقة في طول البلاد الاسلامية وعرضها حين فتح لها عثمان باب الهجرة والتنقل في البلاد الاسلامية . والى جانب هؤلاء كانت ثمة طبقة أخرى تتألف من الاعراب وأهل البادية وكانت القوى المسلحة في الدولة الاسلامية مكونة منهم ، ينضم إليهم من دخلوا في الاسلام من الأمم غير العرب ، هؤلاء كانوا يلقون في زمن عثمان حيفا كبيرا من طبقة الاريستوقراطيين الناشئة ، الطامحة إلى مزيد من القوة والاستعلاء بسبب ما يعتمل في نفوس أفرادها من قيم البداوة . وكانت عاقبة ذلك أن تضخمت الفروق بين الطبقات تضخما كبيرا من الناحية المادية والمعنوية . وانقلبت الأثرة إلى طغيان ، وانقلب الحقد إلى زئير ، وتراكم الطغيان حتى وجد رد فعل طاغ في ثورة المظلومين ، الذين أثقلهم الظلم الفادح ، على حكومة عثمان وعلى ولاته . وكانت عاقبة ذلك كله قتل عثمان . وجاء الناس إلى الامام يطلبون منه أن يلي الحكم ، ولكنه أبى عليهم ذلك ، لا لأنه لم يأنس من نفسه القوة على ولاية الحكم وتحمل تبعاته ، فقد كان عليه السلام على تمام الأهبة لولاية الحكم ، كان قد خبر المجتمع الاسلامي من أقطاره ، وخالط كافة طبقاته ، وراقب حياتها عن كثب ، ونفذ إلى أعماقها ، وتعرف على الوجدان الطبقي الذي يشدها ويجمعها . وقد مكنه من ذلك كله المركز الفريد الذي كان يتمتع به من النبي صلى الله عليه وآله ،