وهكذا كان ، فإن الخوارج ، بعد العدل الذي لاقوه من حكومته والحرية التي تمتعوا بها ، لم يعاملوا في جميع العهود التالية إلا بالاضطهاد والحرب والمطاردة . * * * وقال لما قتل الخوارج وقيل له : هلك القوم بأجمعهم : ( كلا والله ، إنهم نطف في أصلاب الرجال وقرارات النساء [1] ، كلما نجم منهم قرن قطع [2] حتى يكون آخرهم لصوصا سلابين ) [3] . وقد صحت نبوءته ، فلم يمض زمن طويل حتى نجم أمرهم مرة أخرى واستمرت بينهم وبين السلطات المركزية المتعاقبة حروب طاحنة ، وكانت نهايتهم أن صاروا قطاع طرق ولصوصا سلابين . * * * وقد تنبأ بعدد من يقتل من أصحابه وبقدر من يبقى من الخوارج قبل أن يشتبك معهم في النهروان ، فقال : ( مصارعهم دون النطفة [4] ، والله لا يفلت منهم عشرة ، ولا يهلك منكم عشرة ) [5] .
[1] قرارات النساء : كناية عن الأرحام . [2] كلما نجم منهم قرن قطع : كلما ظهر منهم رئيس قتل . [3] نهج البلاغة ، رقم النص : 59 . [4] يعني بالنطفة ماء النهر ، وقد جرت المعركة معهم عند النهروان . [5] نهج البلاغة ، رقم النص : 59 .