البلعوم [1] ، مندحق البطن [2] ، يأكل ما يجد ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ولن تقتلوه . ألا وإنه سيأمركم بسبي والبراءة مني ، أما السب فسبوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة ، وأما البراءة فلا تتبرؤوا مني [3] ، فإني ولدت على الفطرة ، وسبقت إلى الايمان والهجرة ) [4] . هذه النبوءة تحققت بتمامها ، فقد غلب معاوية بعد صلح الحسن وأمر الناس بسب الامام صلوات الله وسلامه عليه ، والبراءة منه ، وقتل طائفة من عظماء أصحابه ( ع ) لأنهم ثبتوا على ولائه فلم يتبرؤوا منه ، منهم حجر بن عدي الكندي وجماعته . وقال قوم إن المعنى بهذا الكلام زياد بن أبيه ، وقال قوم إنه المغيرة بن شعبة ، وكل ولي الكوفة ، وأمر بالسب والبراءة [5] . * * * وتنبأ عليه السلام بما سيصير إليه أمر الخوارج من بعده فقال : ( . أما إنكم ستلقون من بعدي ذلا شاملا وسيفا قاطعا وأثرة [6] يتخذها الظالمون فيكم سنة ) [7] .
[1] الرحب : الواسع . [2] مندحق البطن : عظيم البطن بارزه ، كأنه لعظمه مندلق من بدنه يكاد يبين عنه . [3] قد يكون السب نتيجة للاكراه من الظالم مع إبطان الحب والولاء ، وأما البراءة من إنسان فهي الانسلاخ من مذهبه . [4] نهج البلاغة ، رقم النص : 57 . [5] ابن أبي الحديد : شرح النهج 1 - 355 . [6] الأثرة : الاستبداد بفوائد الملك ، وحرمان الآخرين منه . [7] نهج البلاغة ، رقم النص : 58 .