إلى ذلك ، ولئن لم يصل إلينا كل ما قال أو أكثره فان ما في نهج البلاغة يغني في مقام التعرف على آراءه في هذه المسألة ، وثمة خطبة من طوال خطبه خصصها لمحاربة هذه النزعة في مجتمعه ، وقد ذكر الشريف مختارا منها ، ونحن ذاكرون طرفا مما اختار نستشهد به على أن الامام كان يعي العمليات الاجتماعية ، وكان يعي ما وراء هذه العمليات من دوافع نفسية تحمل عليها وتدفع إليها . * * * تكرر ذكر الشيطان في نهج البلاغة كثيرا : 1 - قصة آدم ( ع ) وإغراء الشيطان له . 2 - الشيطان أخطر عدو للانسان ، يزين له المعصية ، ويحمله على تسويف التوبة ، ويدفعه إلى مقارفة الاثم ، حتى إذا حق الحق تبرأ منه وتركه بين يدي عذاب غليظ . 3 - من جملة مهام الأنبياء الكبرى ان يحذروا الناس من إغواء الشيطان . وقد كان الامام يهدف من كل ذلك إلى تأكيد عداوة الشيطان في النفوس لتنصرف إليه غريزة العدوان . وأعظم خطبة تضمنت ذلك ، وتجلى فيها غرض الامام الاجتماعي هي خطبته المسماه ( القاصعة ) . ففيها صرح الامام بأن الاجتماع الانساني الحق لا يمكن أن يجتمع مع النزعة القبلية . وفيها يصرح بأن النزعة القبلية ان هي إلا ارث شيطاني يزينه الشيطان لأوليائه . وفيها يبين أن الشيطان أحق بالمحاربة من هؤلاء الضعفاء الذين يقع عليهم الظلم ويلحقهم الحيف بسبب النزعة القبلية