responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دراسات في نهج البلاغة نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 110


في أوقات الأمان . ولذا فان هذه الغريزة موجودة في جميع الأوقات .
وهي في أوقات الخطر تعمل عملها الذي يسرت له وأودعت في الانسان لأجله . وأما في أوقات الأمان فان وجودها يصبح مشكلة خطيرة قد تمتد بآثارها إلى الآخرين من أفراد وجماعات .
ففي المجتمعات التي تدين بحضارة لا تجعل للانسان هدفا ساميا في الحياة ، ولا تعلمه إلا أن يبالغ في إرواء شهواته ونزعاته ، تعبر هذه الغريزة عن نفسها في عدوان بعض الافراد على بعض أو عدوان بعض الجماعات على بعض ، لأنها - كغريزة - لابد لها من التعبير عن نفسها ، وحيث لا تقدم لها الحضارة موضوعا للتعبير يصرفها ويحولها عن الافراد ، لابد أن تعبر عن نفسها في هؤلاء الافراد ، وحينئذ ينقلب المجتمع الانساني إلى مجتمع ذئبي تناحري ، ذي غرائز عدوانية ضارية ، تعبر عن نفسها باستمرار .
هذه هي الأسباب التي تذهب بروح الاجتماع الانساني وتسبغ عليه مظهرا اجتماعيا مزيفا .
وجاء الاسلام والمجتمع الانساني كله في واقع تعس نشأ من أن الحضارات التي كان يدين بها كانت في الغالب حضارات لا تتجاوز بالانسان مدى الحس .
وكان المجتمع العربي يعاني الأزمة في أحد مظاهرها ، فقد كان يقوم إلى جانب ما يعانيه من جدب روحي على أساس قبلي . وكان هذان العاملان : الجدب الروحي والروح القبلية يثيران غريزة العدوان أعتى وأضرى ما تكون .
وقد عالج الاسلام هذه المشكلة .
أولا ، بأن حارب عناصر الفساد والانحلال في الإرث الثقافي المهلهل الذي دعت إليه تلك الحضارات ، وجاء بثقافة جديدة حرية بأن تعيد تكوين الانسان الروحي من جديد ، وجعل للحياة الانسانية هدفا أعلى من إرواء الحس باللذة ، جعل لها الفضيلة هدفا ، وأمر الانسان بالمسير إليه .

110

نام کتاب : دراسات في نهج البلاغة نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست