نام کتاب : دراسات في الحديث والمحدثين نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 330
وقد نص الشيخ الأنصاري في رسالته التي ألفها في التقية ، على أن المدرك في وجوب التقية في موارد وجوبها ، هو أدلة نفي الضرر ، وحديث الرفع الذي اشتمل على رفع ما يضطر إليه الانسان ، بالإضافة إلى أدلة التقية التي تنص على أنها واسعة وليس شئ منها الا وصاحبها مأجور عليه . وهذه الأدلة من حيث معذورية المكلف بمجموعها تحكم على أدلة الواجبات والمحرمات ، ولا تتعارض مع شئ منها ، ذلك لان أدلة التقية تقيد موضوع تلك الأدلة بغير موارد الاضطرار والخوف من الضرر ، كما هو الشأن في جميع الأدلة الحاكمة التي ترجع في واقعها إلى التصرف في الأدلة المحكومة سعة وضيقا [1] . ومعنى ذلك أن أدلة الواجبات والمحرمات إذا ضممنا إليها أدلة التقية التي ترخص في ترك بعض الواجبات أو ادخال ما لا يجوز ادخاله في موضوع التكليف ، هذه الأدلة تصبح مختصة بصورة عدم الضرر على فعل الواجب ، أو ترك الحرام ، اما من ناحية صحة العمل الواقع على وجه التقية ، فان أدلة تشريعها بلحاظ ذاتها بما في ذلك قوله ( ع ) : التقية في كل شئ ، وليس شئ أوسع منها لا يستفاد منها أكثر من الترخيص في الاتيان بالعمل الناقص أو الزائد تهربا من الضرر المترقب ممن يخاف من ضرره ، ولا تدل على صحته أو فساده ، كما هو الحال في حديثي الضرر والرفع وأمثالهما من أدلة العسر والحرج الواردة في معرض التسهيل والتيسير على المكلفين ، والتي ترفع المؤاخذة أو الحكم حسب اختلاف المقامات فمن اضطر إلى الصلاة متكتفا ، أو مع من لا تصح معه الصلاة ونحو ذلك ، فأدلة وجوب التقية تفرض عليه ان يصلي متكتفا ومؤتما بمن لا يصح الائتمام به ولا نظر فيها إلى كفاية هذا العمل عن الواقع وعدمها ،